مها محمد الشريف
تقع الحرب الأهلية تبعاً لدوافعها، وعندما نتأمل حقيقة هذه الحروب وفداحة الخسائر الناجمة عنها بتفكيك المجتمعات وتأليب الرأي العام على مصداقية السلطة التشريعية، فهي تحدث بقتال بين المدنيين وليس بين الدولة والقوات المسلحة. فالقتال الذي ينحصر بين أطراف مدنية تسيطر كل فئة على قطعة معينة من الأرض ويكون لها إدارة منظمة علنية، كما هو الحال في العراق وليبيا واليمن والصومال.
لذا سنذكر بعضاً من أهم الدوافع والثورات التي تُقام على أثرها، لكن دعونا نبدأ بهذا التساؤل: هل كانت الحرب الأهلية في اليمن وليبيا حالة استثنائية أم برهاناً تجريبياً على أن الأخطاء السياسية ركيزة أساسية في الاستقرار؟
وهذا بالضبط ما يثبت بُعداً غير متزن لن يُفض بهم إلى مبدأ الصالح العام للدولة، أو منطقية المطالب، وبذلك يبدأ تقهقر المهام إلى أضيق نطاق ممكن، ما دفع بالحكومة الشرعية للبلاد إلى تمكين الأطراف المقابلة لمراجعة مطالبهم ومعالجة الأمر الطارئ والتنسيق مع مكونات أخرى تطمح بالانفصال والالتجاء إلى حلول فردية عبر الاتصال بجهات وشخصيات ترفض السلطة التشريعية.
وهنا أشير إلى الحرب في اليمن والأزمة التي تعرضت لها والمواجهات العنيفة الأخيرة التي شهدتها عدن بين قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً فهي ليست جديدة وسيكون لها تبعات.
ما قام به مقاتلو المجلس الانتقالي الجنوبي بالسيطرة على عدن، واتهم الجنوبيون حزب الإصلاح المقرَّب من الحكومة اليمنية بالتنسيق مع الحوثيين في الهجوم الذي تعرَّضت له القوات المجلس الانتقالي في عدن، هو في الحقيقة جملة من الطموحات الشاذة والانتهازية السياسية وتوقيت تنفيذها الخاطئ، فالدولة بحاجة ماسة للوحدة لدحر المليشيات الإيرانية أولاً.
ورغم أهمية الدور الذي يقوم به التحالف لا يمكن أن ينكره اليمنيون والعالم ككل، أن جلّ المتدخلين من أحزاب أو مليشيات غلَّبوا المصالح الخاصة، وعلى مستوى آخر من الأهمية نقل معاناة اليمن الجنوبي من حجم الدمار الذي لحق بهم من صنعاء فهو لا يتقبل الوحدة لا شعب ولا سياسيين، ولكن التوقيت غير مناسب لخيارات أخرى مثلما هو الشأن بالنسبة لمسألة كانت قبل 1990 .
ولعل ما تميزت به روح المسؤولية ويقظة التحالف هي تلك الدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الأطراف المتقاتلة للجلوس على طاولة الحوار، ومن ثم التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في الديوان الملكي بقصر منى مؤخراً، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.