د. أحمد الفراج
كتبت في المقال الماضي عن موت (انتحار) رجل الأعمال الأمريكي جيفري اوبستين، المتهم باستدراج القاصرات، وإقامة حفلات باذخة بحضورهن، يحضرها ساسة كبار ورجال أعمال من طراز كبير، أي أنها حفلات للنخبة، على حساب فتيات قاصرات، يتم التغرير بهن، ومن ثم استغلالهن لأعمال قذرة، والأبشع هو ما أكدته التقارير من أن جيفري اوبستين يستهدف الفتيات الفقيرات واليتيمات، ويستغل حاجتهن للمال، وربما للمشاعر الدافئة، ويعرض عليهن مبالغ يسيل لها اللعاب، فهو علاوة على أنه مهووس بالقاصرات، يستغل استضافته للساسة ورجال الأعمال من أجل الاستفادة منهم في أعماله التجارية، ويبتزّهم أحيانا، إذا دعت الضرورة لذلك، وقد وجد في منازله آلاف الصور وأفلام الفيديو لأعداد كبيرة من ضحاياه، وربما أن هناك ما هو أكثر من ذلك، لم يتم الكشف عنه حتى الآن.
قصة جيفري اوبستين تتكرر بأشكال مختلفة، وهي تُبيّن بوضوح حقيقة معظم رجال السياسة، الذين يكون لهم غالبا ارتباطات بعالم المال والأعمال، وما يتبع ذلك من دخول عالم اللوبيات الضاغطة، التي تعتبر أمراً أساسياً لمن يرغب خوض غمار السياسة، ففي أمريكا على سبيل المثال، والتي حدثت فيها قصة اوبستين، لا يمكن أن تصل لما تريد، دون دعم هذه اللوبيات، وكم من سياسي دخل مزايل التاريخ، بسبب مواقف لا يطرب لها هذا اللوبي أو ذاك، وكم من سياسي قفز المراحل، وفاجأ العالم بوصوله لمنصب رفيع، بسبب دعم هذا اللوبي أو ذاك، ولنا في باراك أوباما مثال حي على ذلك، كما أن قصة اوبستين تفضح نفاق بعض الساسة، الذين يظهرون أمام الجمهور بمظهر الأنقياء، الحريصون على القيم الدينية والاجتماعية، بينما يكون أحدهم منخرطا في سلوكيات لا يمكن أن تُصدّق، كما في بعض الأسماء، التي تسربت من جراء التحقيقات في قضية اوبستين، الذي قد يكون انتحر فعلا، لأنه تيقن أنه سيقضي بقية حياته في السجن، وهو الذي عاش حياة الترف والملذات، وبالتالي يكون الموت هو أفضل الخيارات المتاحة له، مع أن إمكانية التخلص منه واردة جدا، فهو صندوق أسرار لفضائح كبرى، من الممكن أن تحدث هزّات عنيفة، وتسقط رؤوسا لا يُراد لها أن تسقط، فالفضيحة تم قطع رأسها، ولكنها حتما لن تنتهي تماما بموت البطل!.