د. فوزية البكر
سنقولها فرحين مبتهجين بأن منّ الله علينا بنعمة العناية بالمسلمين في كل أنحاء العالم ليؤدوا أحد أركان دينهم.. قال الله -تعالى- في سورة الحج:{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}. صدق الله العظيم.
وفي كل عام وحين يهل موسم الحج تجند المملكة طاقاتها كاملة لخدمة حجاج بيت الله حيث تشهد الإحصاءات بمئات الآلاف من الطاقات البشرية والملايين من الموارد المالية لرعاية الحجاج القادمين من كل حدب وصوب حتى أنهم بلغوا هذا العام ما يقارب أكثر من مليونين ونصف المليون حاج ضمن نطاق عمراني ضيق لا يتجاوز 33 كيلومتراً مربعاً وخلال مدد زمنية قصيرة قد لا يتجاوز بعضها الساعات وقد يمتد بعضها لأيام بحيث تتجمع كل هذه الملايين من الناس في ذات البقعة وفي ذات اللحظة لأداء طقوسها وعلى حكومة المملكة بأجهزتها وطاقاتها أن تضمن الانسيابية والتفويج المتناغم والأمن والميسر للحجاج جميعاً ولكل حاج على حدة حتى يتمكن الجميع من أداء شعائرهم كاملة ويحققوا كأفراد حجتهم دون نقصان فمن من دول العالم تمكن أن يفعل ذلك في هذه البقعة الجغرافية المحدودة وفي هذا النطاق الزمني القصير ومع هذه الكثافة البشرية المذهلة؟.. لا أحد أبداً على وجه الأرض؛ ومن ثم ألا يحق لنا أن نفخر بحكومتنا وبأنفسنا.. وأن نشكر الله على نعمه التي لا تحصى في أن جعلنا سبيلاً يعين مسلمي العالم لإتمام فريضتهم؟!.
وهذه الجهود الكبيرة تحدث كل عام.. ربما ليس بذات التنسيق والمهنية والتنسيق الذي نشهده هذا العام لكن مئات الملايين ومئات الآلاف من الساعات والجهود البشرية حكومية وخاصة تبذل في كل حج.. لكن من النادر أن يسمع بها أحد وحتى في الداخل لم يكن الكثير يعرفون حجم الجهود المبذولة إلا من يؤدي الشعيرة نفسها لذا فكم كان مبهجاً أن تسمع المواطنين كبيرهم وصغيرهم يتحدثون عن الجهود المدهشة والمنسقة في حج هذا العام؛ ويتبادل القاصي والداني الصور والفيديوهات عبر تطبيق الواتس أب والانستغرام والفيس بوك للصور الإنسانية الرائعة التي كانت تحدث على الأرض سواء للخدمات الحكومية الرائعة التي لمسها حجاج الداخل والخارج أو لصور الحجاج أنفسهم وهم يؤدون شعائرهم، أو لمئات الآلاف من الجنود المجهولين رجالاً ونساءً ممن سخروا أنفسهم لرعاية الحجيج.
نجحت إذن المتابعات الإعلامية التي قامت بها فرق كاملة من مختلف القطاعات الحكومية، حيث تم استخدام كافة الوسائل من القنوات التلفزيونية المجندة لنقل الشعائر التي يتابعها مليار مسلم عبر العالم إلى التقارير اليومية الصادرة من هذه القطاعات والمتضمنة إحصاءات دقيقة عن ما يجري على الأرض إلى الصحف المحلية في مختلف المناطق والتي جندت طواقمها ومراسليها لمتابعات لا تتوقف إلى مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الذين تمت الاستفادة منهم بما يتناسب وهذا العصر إلى طلاب المدارس والكشافة والمتطوعين والأفراد العاملين على الأرض بخبراتهم اليومية المباشرة التي حملتها مقاطع الفيديو وعبر توتير تحديداً وبلغات متعددة إلى العالم كله والكثير الكثير الذي لا يمكن رصده لكن الكثيرين في الداخل والخارج سمعوا بما يحدث، فماذا فعلنا هذا العام بشكل مختلف ليصبح صوتنا أقوى وأوضح؟.
يبقي المهم أن نتمكن من إيصال الرسالة الإعلامية لقوى الخارج الممانعة والكارهة، فمهما حدث يظل معظم أو الكثير من مواطني هذه الدول مسلمين يعينهم ما يحدث في المشاعر المقدسة وقد يكون لهم قريب أو جار أو صديق حقق حلمه في أداء فريضته، فكيف نحمل مليوناً وثمانمائة ألف حاج قدموا من خارج المملكة ذات الرسالة الإعلامية الإنسانية والحقيقة التي حملتها المتابعات الإعلامية الناجحة لأجهزتنا الحكومية المختلفة ودون تزييف أو تضخيم إعلامي فما كان يحدث عبر سبعة أيام كان يحدث علي مسمع ومرأى من العالم أجمع؛ فهل تمكنا فعلا من إيصال رسالتنا الخيرة والمحبة والمسالمة والمعطاءة لهذه الحشود المليونية من البشر الذين من الله علينا بخدمتهم؟