د. خيرية السقاف
يوسم عيد الحج «بعيد اللحم», عند عامة المسلمين وفي مجتمعنا تحديدا لحرص أرباب الأسر على تلبية السُّنة, وإحيائها في البيوت إرضاء لله, وتقربا منه تعالى..
بعض الأرباب يذهبون كثيرا فينحرون الجمال, والبقر, والعدد الأكثر من «الخرفان».. يقسِّمونها لثلاثة أجزاء كما جاء في هدي محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام في شأن الأضحية, فجزء هدية للجيران, والأصدقاء, والأهل, وثانٍ صدقة للفقراء, والجزء الثالث يتحلقون على وجبته في البيت أفراد العائلة ومن في ضيافتهم..
واعتاد الرجال في البيوت على الذبح بأنفسهم, أو من يستعين بجزَّارين مختصين..
ثم أخذ كثير من الناس إلى الدفع بأثمانها للجمعيات الخيرية التي تضطلع بإرسالها للمجتمعات المسلمة الفقيرة, ومن فيها من الأيتام, والعجزة, والكرام المتعثرين يجبرونهم في العيد, ويحيون فيهم سنة المشاركة, والطاعة..
موسم الحج «بعيد اللحم» صورة للمساواة, وللتنافس مع أن الله تعالى لن يناله من لحومها, ولا دمائها, ولا جلودها شيئا إلا الطاعة..
ومعقد الإيمان السلوك, وحين تكون الطاعة سلوكاً تصبح شجرة اليقين في النفس مطواعة, تلين بالرحمة, فتتقارب النفوس, وتتبادل المشاعر الزاخرة بالسرور, والاطمئنان.
ثمة من تذهب به طمأنينته لتلمس رضا الله فتتهلل أساريره مسرة, وتستبشر نفسه خيرا, وتهيمن عليه روحانية مشبعة بكل ما يبعث فيه الرغبة لأن يحتوي العالم كله بين ذراعيه.
هؤلاء المجتمعون بالطاعة على مائدة الأضاحي يعلمون أن لا سعادة يمكن أن تتحقق لنفس مفردة, ولا فرحا يدوم في عزلتها بذاتها, وهذه غاية ما تفعله الأضاحي حين تكون لكل فئات المجتمع البشري, بيتك وبيتهم, ومائدتك ومائدهم, وكلكم في ذكر الآخر أمتنا تصنعه الطاعة, وتحيي فيه فضيلة التكاتف, والتكافل..
لله ما أسمى آيات الله في خلقه, وما أجل الطاعة له تعالى.