د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
يا رب كيف أبدأ عزائي وكيف أنهيه، لقد فقدنا شخصاً ورجلاً وعالماً ومثقفاً بشكل مفاجئ، أبو طلال الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي، هكذا الحياة وذلكم المنون، مقدَّر وموقوت. أبو طلال أعرفه منذ الستينات الهجرية، كنّا ندرس في قسم الجغرافيا بكلية الآداب بالملز، وكان يعمل كذلك في إذاعة الرياض، شارع الفرزدق، ويسميه البعض شارع السينالكو. يحضر بعض المحاضرات معنا ولكن معظمها يستعير ملخصاتي، يأتي إلى منزلنا في حي الرشودي بالرياض، ثم يعيدها لي. وهكذا مرت السنون وتخرَّجنا وابتعثت إلى ولاية، وابتعث إلى ولاية أوهايو، جامعة ولاية أوهايو بمدينة كولومبوس، جامعة مرموقة ومميزة، واختار - رحمه الله- تخصص الإعلام ليكتب أطروحته للدكتوراه عن تطور مسيرة الإعلام في المملكة. أبو طلال بارع في تخصصه، بل في تخصصاته، إذ كان يدرس في جامعتين: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصل منها على بكالوريوس اللغة العربية، وجامعة الملك سعود وحصل منها على بكالوريوس الآداب، تخصص جغرافيا. إن قلت طموحاً فهو كذلك وإن قلت مميزاً فهو كذلك، وإن قلت متعدد المواهب فهو كذلك، وبالنسبة للعمل الإداري والخبرة الإدارية والإعلامية، فعمل وكيلاً لوزارة الإعلام، أيام الدكتور محمد عبده يماني - رحمه الله- وعمل وكيلاً في وزارة التعليم العالي، أيام الشيخ حسن آل الشيخ - رحمه الله- وكان في الوقت ذاته يحاضر في قسم الإعلام، بكلية الآداب، جامعة الملك سعود. يا له من رجل مميز، ثم له برامج مشوِّقة في الإذاعة والتلفزيون، مع المسؤولين والأفذاذ من الرجال، وله - رحمه الله- العديد من المؤلفات والمحاضرات واللقاءات، التي يصعب حصرها لتعددها وتنوّعها. من الطرائف أنه أيام تزاملي معه في قسم الجغرافيا عرض علي فكرة العمل مذيعاً في إذاعة الرياض، عندما كان يعمل فيها، وقام بتسجيل صوتي لي، وعرضه على الوزير آنذاك، وشجعني على ذلك العمل ولكنني اعتذرت منه بعد ذلك.
رحمك الله يا أبا طلال كنت تحب الخير لمن سواك. إن وفاته خارج الوطن تذكِّرنا بوفاة أخ وزميل آخر، ألا هو الدكتور عبدالله العسكر، رحمهم الله جميعاً وموتانا وموتى المسلمين أجمعين، إنني متأكد أنه يستحق الحصول على أعلى الأوسمة والجوائز لقاء ما قدَّم من خدمات جليلة لوطنه، ونرجو له الجزاء الأوفى من الخالق عزَّ وجلَّ، إذ من عمل مثقال ذرة خيراً يره، ولقد عمل خيراً كثيراً في دنياه وسيلقى الخير الكثير في أخراه بحول الله تعالى.