عبدالوهاب الفايز
عندما دخلت دول التحالف الحرب في اليمن كانت تعرف ماذا تريد، كان لديها هدف محدد، هو: دعم حكومة شرعية، وحمايتها من الانقلاب الحوثي الذي يستهدف تحويل اليمن إلى (مستعمرة إيرانية) كما تحول العراق ولبنان. تحقيق هذا الهدف بقي واضحًا جليًّا للشعب اليمني وللشعوب العربية والإسلامية، وللمجتمع الدولي الذي أقر الحرب الوطنية اليمنية المشروعة على الانقلابيين.
بعد أربع سنوات ما زالت التضحيات بالأرواح تقدَّم من دول التحالف ومن الشعب اليمني، وما زالت المساعدات الحربية والإنسانية تقدَّم للشعب اليمني بدون توقف، وبدون تمييز بين المواقف السياسية أو الطائفية؛ فالشعب اليمني هو الخاسر الأكبر من هذه الحرب التي فرضتها إيران عليه. والمهم أن التزام دول التحالف بدعم الشرعية قائم؛ لأن مصلحة الشعب اليمني تتطلب الوقوف الصريح الواضح من الصراع، لا مزايدات أو مجاملات مع جميع الأطراف.
ولكن هذا الموقف تهدده وتضعفه توترات المشهد السياسي: المواقف الأخيرة في عدن، وانقلاب الشركاء في الحرب على بعضهم.. هذا العبث من القيادات السياسية اليمنية سوف يصعب موقف التحالف، ويطيل أمد الحرب. ونخشى القول إن هذه القيادات ليس لديها مشكلة أن تطول الحرب وتستمر التضحيات، وكأنهم يقولون لنا: إن هذه الحرب هي شأن دول التحالف وليس شأنًا يمنيًّا!
قد يتوه هدف التحالف في هذا المشهد اليمني؛ فخلافاتهم المستمرة، وعدم وضوح موقفهم، يجعلانا نرى الحقائق على أرض الواقع بصورة مزعجة. وهذه الخلافات قد تضع حكومات التحالف في مواقف صعبة مع شعوبها التي ترى أبناءها في مواقع التضحية في حرب تكاد تختلط أوراقها، وتتبدل أولوياتها.
القيادات اليمنية بعد الانتصارات التي تحققت في جبهات القتال مع عصابات الحوثي الانقلابية الإرهابية عليها التروي والحكمة، وتأجيل الخلافات حتى لا ينشق الصف، وتخسر المكاسب في ميدان القتال؛ فهذا في صالح إيران وغير إيران ممن يهمهم استمرار الحرب؛ فالحروب دائمًا كما فيها الخاسر فيها الكاسب المتكسب والمتاجر.. وهؤلاء هم الأعداء الحقيقيون للشعب اليمني.
سوف نظل نمارس حسن النية؛ فالفرقاء في اليمن نرجو أن تدركهم (الحكمة اليمنية)؛ فهم الخاسر الأكبر إذا استمرت حالة الاحتقان السياسي، وظنوا أن دول التحالف غير قادرة على حسم الأمور، أو غير قادرة على كشف أوراق من يضحون بمصالح الشعب اليمني، والمتاجرين بقضيته.
دول التحالف دخلت الحرب لدعم الشرعية الممثلة للشعب اليمني، وسوف تبقى على موقفها الثابت حتى يتحقق النصر على العصابات الحوثية المجرمة. وهذا الهدف السامي تحقيقه غير بعيد إذا بقيت القيادات السياسية اليمنية موحدة الكلمة والهدف، وتنازلت عن تطلعاتها الشخصية وطموحاتها السياسية.
هو أكثر من يعرف كيف يعاني أهل اليمن؛ فقد أنهكتهم القلاقل والحروب الممتدة لأكثر من عقدين، وأنصار المشروع الإيراني في اليمن هم العدو الحقيقي للشعب اليمني، ولن يستفيد من الخلافات سواهم.
القيادات السياسية وجميع النخب اليمنية ينتظرها مهمة الإعمار الكبرى لبلادها. وبحول الله، ثم بحسن تقديرهم للأمور، سوف نصل إلى مرحلة السلام. والقيادات السياسية تعرف أن الحروب لا منتصر فيها؛ فمن الذي يستطيع أن يدعي النصر عندما يقف الجميع على الأطلال، أطلال بلد كان يؤوي ويساعد الشعب الصومالي، والآن جزء من الشعب اليمني أصبح مشردًا ولاجئًا في الصومال!