د.ثريا العريض
لن أقول إن الأوضاع في المناطق العربية والإسلامية مثالية, ولكن كون الأوضاع المادية والمجتمعية ضاغطة على نسبة متصاعدة من المجتمع وفئة الشباب بالذات, لا يفسر كيف تتحول شعارات التجمعات من نداءات سلمية شبابية تطالب بتحسين الأوضاع الاجتماعية، إلى حركات مسيسة منظمة تنادي بإسقاط الأنظمة بالرغم من تفاوت الأنظمة بين البلدان المعنية.
أبحث عن عامل مشترك يفسر لي ما يحدث.. لا أجد مشتركا في البدء غير معاناة الشباب ولا أجد مشتركا في النهاية غير اختطاف مبادرة الشباب وتحويلها الى صراعات بين أحزاب سياسية تكونت قبل أن يولدوا أكل عليها الزمن وشرب تتنافس لتنفذ عبر مبادرتهم إلى كراسي السلطة.
هذا ما يبدو للوهلة الأولى ولكن المزيد من التأمل والتحليل والمتابعة يظهر أشياء أخرى؛ ثمة من يشعل كل نقاط التصدع القابلة للاشتعال كحريق متزامن: الطبقية اقتصاديا والطائفية دينيا والمذهبية إسلاميا.
هل كان المسبب لثورات المنطقة غليانا داخليا ذاتيا؟ أم إشعالا بفعل فاعل خارجي استتر في كل موقع وراء قناع مختلف مموه الملامح؟
أتفهم أن تتزايد في الشوارع الأوسطية سلبية مشاعر الشباب وهي الفئة المتصاعدة في النمو العددي كنسبة السكان الذين يعانون من إيجاد حل مقبول لمعاناة مشتركة من البطالة وعدم القدرة على إرضاء الاحتياجات الأساسية من تأسيس بيت وتكوين أسرة..
القيادات تتشبث بكراسي السلطة في البلاد التي تلتزم مظهريا بالديموقراطية ثم لتغطي سوأة فشلها في إرضاء مواطنيها تلجأ للشعبوية واختلاق عدو ما يشغلهم ويدعم بقاءها في سدة الحكم. دخلنا القرن ونحن كمجموع نسمى عالميا «مسلمون»؛ وهو تصنيف أمسى مع الأسف مرتبطا لدى الكثيرين _ بجهل أو تجهيل مقصود_ بأفعال سلبية تستهدفهم بالعدوان وتصنفنا مستحقين لردود فعل سلبية غاضبة وإقصائية من وجهة نظرهم. وربما ما يجمعنا أكثر من الإسلام الفعلي ما نعاني من رفض الآخرين لنا كمجموع تشمله وصمة تطرف البعض منا في رفض الآخرين إلى حد استعداء الغير ضد كل من يصنف مسلما أو عربيا.
والأصعب من كراهية الآخرين لنا, أن نرى بُعدنا نحن كمجموع عن روح الإسلام وتعليماته السامية حين تستشري بيننا فتن التفرقة والخلاف وتحقير بعضنا للبعض, ونعاني من علل التسيس والتجهيل والمذهبية والحزبية والأدلجة التي تحلل الإقصاء والتكفير والتدمير وتتغاضى عن تهميش المستضعفين أو إذلالهم.
أجل هو فعلا وقت التذكير: الحج للتقارب والشعور بالأخوة الإنسانية التي تحنن قلوبنا على القريب والبعيد حتى لتحبب إليه أن يختار الانضواء تحت هذا الدين الرائع.. دون حاجة لدموية الشوارع.
كل عام ونحن قادة ومواطنين أقرب إلى الإسلام الصحيح الجامع للجميع.