فهد بن جليد
اليوم يبدأ المتعجلون من حجاج بيت الله الحرام إكمال نسكهم، والاستعداد لمغادرة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بعد أن منّ الله عليهم بأداء «الركن الخامس» بكل يسر وسهولة. فرحة الحاج في هذا اليوم وهو عائد لبلاده لا تعدلها فرحة؛ فهم يعودون لبلدانهم بصفحات أمل جديدة في حياة أكثر إشراقًا، محملين بذكريات وصور الحب والوفاء للسعودية وأهلها «فمن رأى ليس كم سمع»؛ لذا لا نستغرب تلك المشاعر العفوية الصادقة عندما يعبّر الحجاج عن امتنانهم وشكرهم لما تقدمه السعودية لضيوف الرحمن، وأن هذا الدور الكبير والعظيم لا يمكن أن تقوم به أي دولة أخرى في العالم؛ فخدمة الحجيج ورعاية المقدسات الإسلامية شرفٌ خص الله به المملكة وأهلها، الذين يعملون بكل طاقاتهم، ويسخرون كل إمكاناتهم من أجل أن ينعم ضيوف الرحمن بالأمن والأمان، ويؤدوا مناسكهم بسكينة وطمأنينة، وينصرفوا ويتفرغوا لعبادة الله وذكره في أيام معلومات مستفيدين من كل ما تقدمه وتوفره السعودية لهم استشعارًا بفضل هذا الشرف الذي خص الله به هذه البلاد قيادة وشعبًا.
السعودية بلد الأمل ومبعث الإيجابية ومنبع الإسلام، مهوى القلوب والأفئدة.. يتجه صوبها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها خمس مرات في اليوم، ويقصدها الحجاج والمعتمرون والزوار شادين الرحال إليها طلبًا للعفو والمغفرة امتثالاً لرحلة سيدنا إبراهيم ومَن بعده من الأنبياء والرسل، واستجابة لنداء الحق، وامتثالاً واقتداء بخير البشر محمد - صلى الله عليه وسلم - في رحلة فرضت على المقتدرين من المسلمين مرة واحدة في العمر. فكل من وطئت قدماه المملكة العربية السعودية صادقًا مخلصًا عائدًا تائبًا، متنقلاً بين عرفات ومزدلفة ومنى والبيت العتيق على هدي النبي الأكرم، اغتسل من ذنوبه، وفُتحت أمامه أبواب الأمل؛ ليتطلع لغد مشرق وسعيد مهما كانت أخطاؤه، وكأنه وُلد من جديد بصفحات بيضاء، حتى يصحح حياته، ويغيّر مسارها نحو الأفضل.. فأي بلد ينشر مثل هذا السلام والطمأنينة والطاقة الإيجابية سنويًّا بين كل هذه الأعداد من البشر؟
فالمملكة العربية السعودية من عهد المؤسس - طيب الله ثراه - حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - تضاعف الخدمات لضيوف الرحمن بلا منة ولا أذى، وتبذل الغالي والنفيس في سبيل توسعة الحرمين، وتطوير المشاعر، وتجويد الخدمات أكثر فأكثر، من أجل أن ينعم الحجاج والمعتمرون والزوار بالراحة والأمان؛ لتبقى السعودية أقدس بقاع الأرض بلد الأمان والأحلام، منبع السلام والطمأنينة والأمل للإنسانية وكل شعوب الأرض، بفضل ما تقوم به من أدوار قيادية على المستوى العربي والإسلامي والدولي من أجل نشر وبث السلام والأمان في كل مكان. وعلى دروب الخير نلتقي.