د. حسن بن فهد الهويمل
في مجال التربية والتعليم تتاح فرصٌ أخيرة لتدارك الأوضاع، وتمكين المسوِّفين والمخفقين من تفادي الفوات.
والله الذي وسعت رحمته كلَّ شيء يمنح للمذنبين والمقصرين أكثر من فرصة. فالأمكنة والأزمنة تمنح مزيد فضل؛ ليتمكن المقصّر من التعويض، من خلال مضاعفة الحسنات.
[عشر ذي الحجة] أفضل أيام السنة، و[يومُ عرفة] أفضلها؛ فصومه لغير الحاج غنيمة لا تفوت.
والعشر الأواخر من رمضان أفضلها [ليلة القدر]. والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
و»الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ». هذه المواسم المباركة تُغْري المقصِّرين، وتحملهم على تدارك أمورهم.
وحتى [القرآن] جماع أشواطه الدلالية {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
وحين يفرض الإنسان على نفسه [الحج] فإن عليه أن يفتش في دواخله عن معوقات القبول التي لا يعلمها إلا الله.
وأهمها طيب المطعم، والخلوص من حقوق الخلق، وكف الأذى، واحترام المشاعر، والشعائر، والسكينة في ممارسة العبادة، فضلاً عن ممارسة الأشياء التي لا تدخل في أعمال الحج، وهو يدعو الله، ويذكره، ويكبِّره، وتلك الأصوات، وما يواكبها من عج وثج تتطلب نية صالحة، وموافقة للمأمور به، وبمثل ما يتجرد الحاج من الملابس الدنيوية فإن عليه أن يتجرد من الأهواء، والشهوات، والشبهات؛ لكي يسهل الطريق إلى الله.
قالة السوء، وسماع الكذب، وأكل السحت من المعوقات. فأنى يُستجاب لمن كان مشربه حراماً، ومطعمه حراماً، وغُذي بالحرام؟ ولم يسْلم من الرفث، والفسوق، والجدال في الحج.
نافلة الحج حين تفرضها على نفسك، ثم لا تعتريك معوقات الشعائر، تعود من ذنوبك كيوم ولدتك أمك، حتى قال بعض العلماء: إن الحج المبرور يكفر الكبائر.
الأخسرون أعمالاً الذين تستعبدهم الأهواء وتَنِدُّ بهم الشهوات، ويُعْمِيهم التعصب، وتُصْميهم الشبهات، فيرفثون، ويفسقون، ويؤذون غيرهم، ويعكرون عليهم صفو عباداتهم، وبخاصة الجهلة المستدرجون من حيث لا يعلمون، والعملاء المسيسون الذين جاؤوا للإيذاء متعمدين حرب الله، ورسوله، وصالح المؤمنين، وشغْل الناس عن شعائرهم، ومشاعرهم، وتفويت الأجواء الروحانية على من جاؤوا للارتواء من فيوضها.
الظاهرة [الإيرانية] أُمّ الخبائث: فساد في العقائد، وبِدَعٌ في العبادات، شغب، ومظاهرات.. وهذا عين الرفث، والفسوق، والجدال المفسد للحج.
[المملكة العربية السعودية]:- دولة، وحكومة، وشعباً تستنفر الجهود؛ لتريح الحشود، وتطهر المشاعر لضيوف الرحمن، ثم تفاجَأ بحثالات، وغثائيات، وسفلة قوم، يتعمدون تعكير صفو الروحانيات.
ناس يُلبُّون داعي الله، ويتجردون من الدنيا، وآخرون يلبون داعي الشيطان، يُفسدون في الأرض، ولا يُصلحون، وجهلهم المركَّب يوحي إليهم بأنهم يصلحون.
لقد تعمد الفسقة إفساد الروحانيات، وشغل الدولة عن إدارة الحشود. ولكن الله رد كيدهم في نحورهم، وكشف نواياهم السيئة.
لقد كنت أتوقع أن خلافنا مع [قطر] ومَن باع نفسه لها سيظل في إطار اختلاف المصالح، ولكن السوءات تكشفت عن غل دفين، يتمثل بالكيد، ولكنه - بفضل الله وتوفيقه - تحول إلى كيد ضعيف:- {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}. الدول السوية تختلف مع غيرها، ولكنها لا تتجاوز في إعلامها وأعمالها حدود المعقول. إن هناك مواثيق أخلاق، لا يتخطاها إلا المغضوب عليهم، والضالون.
موسم الحج حق لكل من يشهد ألا إله إلا الله، وواجب الدولة المضيفة تهيئة الأجواء الملائمة لكي يتمكن الجميع من أداء الشعائر بيُسر، وسهولة، وطمأنينة، ولكن شرار الخلق يحاولون تعكير الصفو، وشغل الناس عن مقاصدهم النبيلة.
المملكة في كل عام تجنّد عشرات المؤسسات، وآلاف المتدربين لخدمة الحجيج. والموسرون المحسنون يملؤون الساحات والمنعطفات بالمأكولات والمشروبات، يلاحقون بها الحجاج.
دول كثيرة أضلها الله على علم؛ فباعت نفسها للشيطان. ووعد الله نافذ:- {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.
اللهم استعملنا في طاعتك، وألهمنا رشدنا، وطهِّر قلوبنا من الشقاق، والنفاق، وسوء الأخلاق.