د. أحمد الفراج
أقطع اليوم حديثي عن أفضل رؤساء أمريكا عبر تاريخها، لأتحدث عن الموت المفاجئ للمتهم باغتصاب القاصرات، الأمريكي جيفري اوبستين، وحياة هذا الرجل عجيبة، فهو نشأ في أسرة متوسطة الحال في مدينة نيويورك، وعمل معلماً، ثم خاض غمار المال والأعمال، فأصبح ثرياً جداً، يملك منازل فاخرة في عدة مدن أمريكية وحول العالم، وطائرة خاصة، وأصبح يضرب به المثل في تجهيز الحفلات الصاخبة، التي يحضرها ساسة العيار الثقيل ورجال المال والأعمال، وفي عام 2005، تقدّمت فتاة قاصر بشكوى ضده، وتمت محاكمته، ثم تم عقد صفقة بينه وبين المدعي العام لولاية فلوريدا، حكم عليه بموجبها بالسجن 13 شهراً، والطريف أنه كان يسمح له - أثناء السجن - بالخروج للعمل 12 ساعة يومياً، أي أنه كان يذهب من السجن إلى مكتبه، ثم خرج بعدها، واستمر في ممارسة أعماله، حتى انفجرت القضية (أم الفضائح) ضده هذا العام، بعد تقرير صحفي مهني وضخم، أعدّته صحيفة ميامي هيرالد الشهيرة.
هذا التقرير المذكور أعلاه، أطاح بوزير العمل في إدارة ترمب، الكس اكوستا، لأنه كان هو المدعي العام، الذي عقد الصفقة المشبوهة مع المتهم ابوستين، وما تسرّب حتى اليوم، يوضح بجلاء خفايا لعبة السلطة والمال والفساد حتى في أعرق الدول الديمقراطية، فهذا المتهم له علاقات واسعة مع أسماء سياسية كبرى، فقد ورد اسم الرئيس ترمب، الذي سبق أن قال: «إن اوبستين يشبهني، فهو يحب النساء الجميلات، وكذلك يحب الصغيرات!»، والرئيس السابق بيل كلينتون، الذي سافر على طائرة المتهم الخاصة 24 مرة، ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، وابن ملكة بريطانيا اندرو، وغيرهم من الساسة ورجال المال والأعمال، ولا شك أن القبض على اوبستين وإيداعه السجن، جعل كثيراً من الساسة الكبار جداً في أمريكا وحول العالم يضعون أيديهم على قلوبهم، لأن ما سيقوله للمحققين قد يكون شهادة إعدام وتدمير لكثير منهم، فعندما يدخل الإنسان السجن، يصبح همه الوحيد إنقاذ نفسه، وليذهب الآخرون للجحيم، وسيتواصل الحديث.