رشيد بن عبدالرحمن الرشيد
يوم الخميس 8-11-1440هـ محافظة الرس ودَّعت رجلاً من رجالها، شيخًا فاضلاً ووجيهًا اجتماعيًّا، خادمًا للقرآن، ومؤسسًا لحلقاته، وداعمًا له.. هو صالح بن عيد الحنيني الحربي.
أبو يوسف عرفته وقورًا، سمح الأخلاق، بشوش الوجه، إمامًا في مسجده، وخطيبًا في منبره. أعطى من علمه وطرحه واجتهاده ما كان مفيدًا.
الشيخ صالح مدرسة فاضلة، فإن أغلق صوت ندائها فما زالت سراج خير، يشع نورًا وضياء.
أقبلت عليه الدنيا طائعة، لكنه لم يفتن بزخرفها وجمالها، ولم يحملها في قلبه، وكان لسانه رطبًا بذكر الله، قريبًا إلى ربه في القول والعمل، متواضعًا.. أحبته النفوس صغيرها وكبيرها.. إنه نموذج وقدوة.. لين في معاملته، أنيس في مجلسه، كريم لضيفه، متفقد لجيرانه وهموم عشيرته.. وكأن الشاعر يقصده في قوله:
كأنك من كل النفوس مركَّب
فأنت إلى كل الأنام حبيب
القرآن (كلام الله) كان صالح يحمل همه منذ شبابه ونعومة أظفاره.. فكان له السبق في افتتاح أول حلقة مباركة لقراءة القرآن الكريم وحفظه.. حتى أصبحت شجرة مباركة، تحمل اسم جمعية تحفيظ القرآن بالرس. وكان همّ الدعوة ونشرها ضمن طموحه؛ فأسهم في تأسيس مكتب الدعوة بالرس في خطواته الأولى حتى أصبح نموذجًا متميزًا للدعوة والإرشاد، وضمن شركاء الدعوة إلى الله.
عانى شيخنا الفاضل صالح من المرض فكان شاكرًا صابرًا على البلاء، راجيًا الشفاء من مولاه.. لكنّ لكل أجل كتابًا، وتناقلت الركبان وفاة هذا الرجل الصالح؛ فغصت المقبرة بالمعزين والمشيعين وألسنتهم تلهج بالدعاء، وتهمس بالرجاء. رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، وغسله بالماء والثلج والبَرَد، وجعله في عليين، وجعل ما أصابه كفارة وطهورًا، وأحسن عزاء شقيقه محمد وأبنائه وأهله وذويه ومحبيه، وألهمهم الصبر والسلوان بفقيدهم الغالي.. ولا نقول إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.