عبده الأسمري
استشعر الشعر فعاش الشعور بين الأبيات والمشاعر.. استوجد «الفكر» في ميدان «العصامية» فصعد بالجد من همم «الإجادة» إلى قمم «الجودة» في مسارات «المعالي» و«الثقافة» و«مناصب الدولة»..
غمس قلمه في «حبر» الجبر فحول القصيدة إلى وقار، والنص إلى استقرار، والكلمة إلى «قرار»؛ فنطقت «الأوراق» حديثًا ذا شجون..
نصب بُعد نظره في ساحات المسؤولية فاستنطقت «التنمية» باسمه ووسمه محولاً الرؤى إلى حدث ذي شؤون..
صنع «الفارق» فكان مؤسسًا للأولويات التنموية في سنين خلت، ووضع «الفرق» فظل وجهًا للتخطيط في عصر الانطلاق كعمود إنجاز، وركن اعتزاز..
إنه أول وزير للحج الشاعر والأديب حسين عرب - رحمه الله - أحد أبرز رجالات الدولة وقامات الحركة الثقافية والأدبية بالمملكة.
بوجه حجازي أبيض، تسكنه ومضات الأدب، وتحفه مطامح العبقرية، وتقاسيم مكاوية أصيلة، وعينين واسعتين، تتحركان بثبات وإثبات من خلف نظارة «طبية» لا تفارقه، وملامح مشفوعة بالزهد، تتكامل على «هندام» مرسوم بأناقة زاهية على «بياض» طلة بهية، وصوت جلي مكتظ بالجمال الشعري والامتثال اللفظي في عبارات موزونة، تكاد ترى بالبصر، ولغة جهورية ممتلئة بمفردات «أدبية» فاخرة، تختال علنًا في منصات «الأثر»، وتتباهى جهرًا على مكاتب التأثير، قضى عرب من عمره عقودًا وهو يكتب الشعر للتاريخ، وينسج للتنمية رداء من المعطيات، ويحيك للعطاء جلبابًا من التوصيات..
في شعب عامر البذخ بإنتاج العمالقة وُلد عرب، وتفتحت عيناه على الإرث الديني والعلمي في سلالة أجداده؛ فنشأ مجللاً بنصائح عائلية قيمة، مكللاً بدعوات أسرية ثمينة؛ فكانتا «ردءًا» له في دروب العيش؛ فجال صغيرًا بين أحياء الحجون والمسفلة والشوقية مخطوفًا إلى الألحان السماوية عبر مكبرات المساجد منجذبًا إلى النداءات الأرضية عبر تكبيرات العامة، منتشيًا بنسائم «الروحانية» في الحرم المكي، متربيًا في أحضان «الحطيم»، «متروحنًا» مع طهر «الحجر الأسود»، متشربًا من «ينابيع» زمزم، موليًا قبلته نحو البيت العتيق، موجهًا اتجاهه إلى الركن اليماني، عامرًا ذاكرته بحفظ القرآن الكريم، غامرًا وجدانه بسكينة مقام إبراهيم، معطرًا أذنيه بتراتيل الصلوات، مسطرًا طفولته في براءة الالتجاء في جنبات المسجد الحرام.
اكتملت في ذهنه «أضلاع» المربع الذهبي لليقين من تربية ودراسة وذكريات وأمنيات، وتكاملت في عقله «أهازيج» الحجاز فتمايل فرحًا بشهادات التفوق، واستمال الكلمة بغواية «الموهبة» فأرضخها للشعر، وأرغمها للمغامرة..
تأثر بإضاءات أحمد سباعي، واستأثر بإمضاءات أحمد عبدالغفور عطار - رحمهما الله - مكملاً «الركض» في ملاحقة تحليل المنطق وتأصيل المحتوى، ملاحقًا «إجابات» الذات في حلول القصائد.. متأملاً «أسرار» الوجدان» في «علانية» الوجود..
كان «فرصة إنسانية» و«نصيبًا مفروضًا» و«هدفًا بشريًّا» للوطن الذي استعان به فكان «الابن البار» الذي أكمل فصول «البر»، وأتم أصول «النداء» في منظومة عمل قيادي، كان فيه مؤسسًا وخبيرًا ووزيرًا..
سيرة اكتساها «الفخر»، خطها عرب بيراع «الدوافع»، وتخطاها بإبداع «الثقة»؛ إذ تلقى تعليمه بكتاب مسجد بئر الحمام بشعب عامر، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة التحضيرية بالمسعى، ودرس المرحلة الابتدائية، ثم انتسب للمعهد العلمي السعودي، وتخرج منه عام 1356هـ. ولأنه مسكون بالكتابة عمل محررًا في صحيفة صوت الحجاز (جريدة البلاد حاليًا)، وأُم القرى، وعُيّن مديرًا لمكتب إدارة السيارات الحكومية، ثم نُقل إلى ديوان نائب الملك معاونًا لمدير شعبة المالية والخارجية، ثم سكرتيرًا عامًّا بوزارة الداخلية، ثم مستشارًا إداريًّا، ثم مديرًا عامًّا، ثم قائمًا بأعمال وكالة الوزارة، ثم تم تعيينه أول وزير للحج والأوقاف من عام 1381هـ إلى عام 1383هـ. ويعد أول مؤسس لها ولمصنع كسوة الكعبة المشرفة.
وله عضويات متعددة في بعض الأندية والمؤسسات الأدبية والثقافية والصحفية.
حصد عرب - رحمه الله - جوائز محلية عالمية عدة، وتم تكريمه في محافل تنموية وأدبية عدة بالداخل والخارج.
أصدر مجموعته الشعرية الكاملة في جزأين عام 1985م، وتُرجمت بعض قصائده للغتين الألمانية والإنجليزية.
تُوفي في مكة المكرمة في 29 إبريل عام 2002م، ثم ووري جثمانه ترابها الطاهر تاركًا خلفه «إرثًا» من النماء، و«تراثًا» من الانتماء في خارطة «المؤثرين» في رصيد «السداد» ونتاج «البشائر»..
اقترن اسمه بالحج «وزيرًا» في محفل «الأسس»، وتقارن حرفه بالحجج «عبيرًا» في قلب «الكلمات»، وقالب «النصوص» فكان «الوزير الأديب» و«الشاعر المهيب» الذي نصب ماضيه بالفتح الإبداعي في ميدان «الشعر»، وأكمل فراغات «البدايات» بالمتن الفكري، فكان عقل «تأسيس»، وحجر «أساس» في منظومة الأدب والتنمية.