يوسف المحيميد
في رحلتي إلى بيروت الأسبوع الماضي، صادفت رجلاً ستينياً مصرياً قرب مسجد السلطان عبدالمجيد في منطقة جبيل، وبعد أن أرشدني إلى أماكن الوضوء، سألني من أين، وما إن عرف بلدي سألني: «مش حتضحوا للسوريين؟» وأشار إلى أن هناك آلاف السوريين في لبنان يعيشون في ظروف صعبة، لكنه لفت انتباهي إلى أن العالم العربي لم يعد يعتبر بلدنا، أو تحديدًا حكومتنا، هي المسؤولة فحسب عن رفع المعاناة عن أشقائنا العرب من مختلف الدول، بل حتى المواطن يرون أن عليه المبادرة بفعل ذلك، وهذا له مؤشران، أحدهما إيجابي وهو أنهم يثقون بشهامة المجتمع السعودي، ومبادرته نحو فعل الخير، أو الواجب نحو الأشقاء، ومؤشر سلبي يجعل انشغالنا عنهم بالمحتاجين من مجتمعنا، وهم الأولى بالمعروف، يجعلهم يلوموننا في تقصيرنا، بل ويعتبرون ذلك تخاذلاً، كما لو كانوا شركاءنا في الأرض، والثروات، دون أن يكونوا كذلك عندما عانى أجدادنا شظف العيش، والجوع، والفقر، والموت في صحراء مجدبة وموحشة لا ترحم!
يا سادة يا كرام، نحن نحبكم، ونتمنى، بل نسعى لأن تنهضوا بأوطانكم كما نفعل نحن منذ خمسين عامًا، بخطط تنموية منتظمة، وعمل شاق ودؤوب، كي نصنع هذا الوطن العظيم، نتعثر وننهض، نفشل ونحاول فننجح، لكن نرجوكم لا تمارسوا ضدنا هذا الأسلوب، لا تتحدثوا معنا كشركاء في بلادنا، لا تتهمونا في كل شيء يحدث في أوطانكم، لا تبالغوا في الجزم بوهم المؤامرة، وأن العالم كله يتآمر ضدكم، وأننا جزء من هذا العالم، توقفوا عن التفكير بغيركم، وفكروا بأنفسكم وبأرضكم، فكثير من الدول نهضت بلا ثروات، ما عدا ثرواتها البشرية، وتعليمها وتدريبها، كي تقود نهضة صناعية وتقنية مميزة.
يا سادة يا كرام، لا تخرجوا أسوأ ما فينا، لا تجبرونا على كرهكم، نحن والله نحبكم، ونعتبركم أشقاءنا، ويجمعنا مصير مشترك.
عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير.