مها محمد الشريف
كلما ارتقى بمخيلتنا العيد استعادت الأرواح بهجتها، واتسعت معارفها، وأدركت أهمية الفرح في الحياة.. وها هو عيد الأضحى أحد العيدين اللذين يحتفل بهما المسلمون حول العالم. وبناء على التقويم الهجري لعام 1440 تكون وقفة عرفة لهذا العام يوم السبت 10 أغسطس، وأول أيام عيد الأضحى المبارك يوافق يوم الأحد 11 أغسطس.
غالبًا ما يتخذ الناس من الحياة الغرض الأساسي، ويتجاهلون معظم التحديات المختلفة التي ينبغي إدخالها إلى الواقع، والقفز بها نحو رؤية مستقبلية، صنعت للشعب الفرح، ويتبعون تلك المنتجات الأكثر انتشارًا، والآليات غير المعهودة لإيجاد مفهوم التشاركية التي تستوعب طموحات تخدم الرغبة بالمشاركة من منطلق واجب تحمُّل المسؤولية.
في الوقت نفسه يظل انفتاح الفكر نافذة مشرعة، تطل على مسار حقيقي، ودور فعال لجميع فئات المجتمع، بينما لا تجد في السابق مخرجًا آخر سوى خطاب يعده الدارسون وفق تعليمات وخطوات لم يطبقوها؛ فينصهر معظمهم في مكوناته، ولسان حالهم يقول: نحن نضع أنفسنا في أماكن مرتفعة؛ ليتسنى لنا مشاهدة ما يعرض على خشبة المسرح بوضوح، وعلينا ترك المقاعد الأمامية لمن يهمه الأمر، ويتخذ صفته الرسمية، وتحيطهم بأسوار عالية تحجب الرؤى؛ فلا يتمكن من إعادة توجيه وتحسين كيفية تشكيله وصناعته.
لقد أكسب ذلك عواقب مؤثرة، واتسم أسلوب الحياة بنوع من التصلب الذي سلب التحول المطلوب، ولكن لكل حدث احتمالية، ترتفع درجاتها بأفعالنا. ومع رؤية 2030م الطموحة تم دعم الشباب، وتحفيزهم للعمل في أعمال كانت حصرًا على العمالة الأجنبية، وتحقق جزءًا مهمًّا في توظيف الكثير من أبناء وبنات هذا البلد المعطاء، وتقليص نسبة البطالة، وتغيّرت نظرة المجتمع السعودي؛ فكان أكثر انفتاحًا على العالم الحديث.
لهذا التغيير مؤشرات، فتحت عينيه على مشهد تنموي ضخم، جذب انتباهه، وحفز قدراته، واختلفت فيه المذاقات والتراكيب والألوان؛ فأصبح تواقًا لكل جديد، يبحث عن الموسيقى والترفيه بكل أهدافه الاقتصادية والاجتماعية. وما إن تتكشف تلك الإمكانيات حتى تجد أمامك الحياة بكاملها.. ويعمل الجميع من أجل تنويع الموارد لما بعد عصر النفط؛ إذ أصبح المجتمع رحبًا دون تعقيدات وسلاسل تكبل تطوره.
فثمة عامل رئيسي، تناوله «جان جاك روسو»، جعل الناس أكثر أنسة وألفة، قائلاً: «للفكر حاجاته، كما للجسد، فحاجات الجسد هي أسس المجتمع، وحاجات الفكر هي مباهجه. فإن العلوم والآداب والفنون تهذب الأخلاق، وتجعلها في غاية المرونة واليسر ومظاهر الفضيلة». كما جعل بعضًا من مقالاته في العلوم والفنون، وأضاف لها معايير تحدد علاقة الإنسان بالطبيعة والمجتمع؛ فالفن يهذب السلوك، ويعلم الأهواء التعبير بلغة راقية.. فمتطلبات الأدب لا تنتهي، وأوامر اللياقة لا تنقطع، ولا ينفك المرء ينصاع للمألوف، ثم عزز قوله بالصورة الخداعة التي وصف الإنسان بها إذا اتبع نبوغه الشخصي، فلن يجرؤ على الظهور بوجهه الحقيقي.
بهذا المعنى يدرك المرء حجم العمل الجبار لتحقيق الرؤية، ونفخر بما وصلت له المملكة في ظل قيادة حكيمة وأهداف طموحة، رسمت خطوط المستقبل بإتقان غايته - بلا شك - سعادة الإنسان، وتحول الحاضر إلى تجربة مذهلة، ترتب أولوياتها؛ لتحيط الجميع بالفرص؛ لتستمر دون توقف.. وتطوير تأملاتهم الاستراتيجية؛ فلم نعد نخشى الفرح أو التعبير عنه.