عثمان بن حمد أباالخيل
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ)، التودد والتآلف والمشاعر الإيجابية ثقافة إسلامية يخشى البعض من البوح بها والتعبير عنها إنها ثقافة يجهلها بعض الناس أو يتجاهلها والإنسان شبكة متداخلة من أحاسيس ومشاعر يحملها في قلبه وأحاسيسه. لماذا البعض يخشى البوح عن مشاعره؟ سؤال تختلف الأجوبة عليه من إنسان إلى آخر لكنها تتفق على الظّن يظُن أنه محتاج إليه لو عبر عن مشاعره له بصدق وأنه يمر به من أزمات أو ظروف قاسية. ألا يعلمون أن بعض الظن إثم. حقاً لقد أصبحنا نخاف من بعضنا البعض ونعيش في عزلة محاطاً بسور متين ومشيد من المواقف السلبية التي نسقطها على الآخرين. إنه التهرب من التقرّب وفتح الأبواب للحياة الجميلة.
المشاعر السلبية نحو الآخر ترهق الإنسان وتجعله يعيش في عالم الكبت وعليه التخلص منها وهي طريق معبد للأزمات النفسية وأمراض القلب والوحدة. كبت المشاعر الإيجابية والسلبية تسبب نفس الضرر، لكن الضرر يختلف، فالمشاعر السلبية تذهب وتستقر في العقل الباطن وتؤثر فينا بصور وطرق ملتوية، أما المشاعر الإيجابية تلح وتصر على الإنسان أن يظهرها وهناك صور كثيرة للبوح عن المشاعر الإيجابية. ما الذي يمنع أن نعبر عن مشاعرنا لمن نثق بهم، نتحدث عن غضبنا أو خوفنا أو ضعفنا أو أي شيء نشعر فيه، هذا لا ينتقص من قيمتنا ولا يضعف من داخلنا بلْ نجعل لأنفسنا قيمة حقيقية تأخذنا إلى بر الأمان والاستقرار العاطفي والنفسي. وقد قيل إن «كتمان المشاعر يجعل الإنسان أكثر عرضة للانفعال الشديد في المواقف التي لا تستحق كل هذا الغضب».
التعبير عن المشاعر يزيد ثقة الفرد بنفسه ويقوي من شخصيته ويرتاح ويريح عقله من التفكير، توصّلت دراسة بريطانية بلجيكية مشتركة، إلى أن أجزاء مختلفة من الدماغ يتم استعمالها عندما يختار الشخص إخفاء مشاعره بمحض إرادته، مقارنة بأمره لإخفاء هذه المشاعر. وكما هو معروف هناك العديد من المشاعر التي تدور داخل الإنسان ومنها الحنان، الحب، القسوة، الرحمة، الغضب، الفرح، القلق، الغيرة، الحزن، الإعجاب، العدوانية والخضوع. في بيوتنا هناك من يكبح ويسكت الآخر حين يعبر عن مشاعره ونسمعه أشد الألفاظ وأقصاها فاقدين بذلك ثقافة التعبير عن المشاعر.
وفي الختام جرح المشاعر موجع جداً، لأن المشاعر تكون ذات قيمة كبيرة عند الإنسان فلا تجرح وتدير ظهرك وكأن شيئاً لم يحدث يا له من أنانية وفوقية. أقتبس قول الروائي المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل بالأدب إنه: (في بداية أي علاقة تظهر المشاعر، وفي نهايتها تظهر الأخلاق). من السهل جرح المشاعر ومن الصعب مداواتها فلا تجرح وتبحث عن الدواء فالشفاء من جرح المشاعر يأخذ زمناً طويلاً والإنسان لا ينسى من جرحه ما دام قلبه ينبض بالحياة وإن أبدى غير ذلك.