د. محمد عبدالله العوين
اتسمت شخصية د. عبد الرحمن الشبيلي بصفات عدة يندر أن تجتمع في إهاب شخصية واحدة؛ فهو إلى جانب دماثة خلقه وابتسامته المشرقة والكلمات المهذبة التي يستقبل بها من يلتقي به أو يحادثه إلا أنه في الجانب الآخر من شخصيته ميال إلى الصرامة والجد في استغلال الوقت وحسن إدارته والإفادة من أية فرصة للقاء معرفي يرى فيه عوناً له على ما يشتغل فيه من بحوث ودراسات.
لقد انتقل في سنوات قليلة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة من مستوى مبتدئ في العمل الإذاعي كمذيع ربط ثم مقدم برامج ثم قارئ نشرات إلى شخصية المخطط والعقل المدبر لجهازي الإذاعة والتلفزيون الوليدين، ثم انتقل إلى أفق آخر أبعد وأعمق بصيرة بالمستقبل؛ وهو تحقيق طموحه العلمي بالسعي للحصول على بعثة دراسية في أمريكا لدراسة الماجستير والدكتوراه، ولم تتضخم ذاته بالشهادة الجامعية التي كانت تعد في ذلك الحين منتهى آمال النسبة العظمى من أبناء جيله؛ بل غاية المنى لدى كثيرين منهم؛ بحيث تؤهلهم للمناصب الحكومية وللوجاهة الاجتماعية ولترشيح كفة القبول عند التقدم لطلب يد زوجة المستقبل.
لم تقنعه شهادة كلية اللغة العربية على ما كانت تحظى به - آنذاك - من بريق لا ينعم به حاملوها اليوم مع الأسف، فامتد طموحه إلى نيل شهادة جامعية أخرى بالانتظام في الدراسة بكلية الآداب بجامعة الملك سعود قسم الجغرافيا، فلقب خريج جامعة يختلف عن لقب خريج كلية لا تنتمي إلى جامعة كما كانت كلية اللغة العربية آنذاك عام 1383هـ حينما تخرَّج فيها قبل أن تنضوي مع كلية الشريعة وكليات أخرى والمعاهد العلمية في مسمى واحد؛ هي (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) عام 1394هـ.
حصل الطالب الطموح عام 1385هـ على شهادة أخرى أضيفت إلى شهادة كلية اللغة العربية، فهو الآن جامعي، إلا أن طموحه أكبر من ذلك وأبعد من أن ترضيه أو تسعده الشهرة التي منحه إياها الظهور على الشاشة وقبلها الإذاعة.
لقد كان فريداً في شخصيته، وتجلّت عبقريته في جل أعماله الوظيفية التي أسندت إليه وفي ما تصدى له من مهمات البحث والتدوين والتوثيق؛ سواء في ما كتبه عن تاريخ نشأة وتطور الإذاعة والتلفزيون في كتب مستقلة أو محاضرات أو مقالات علمية أو عن شخصيات إعلامية رائدة في هذه الميادين أو قريب منها، ويعد كتابه (الإعلام في المملكة العربية السعودية - دراسة وثائقية وصفية تحليلية) مرجعاً مهماً لدارسي الإعلام السعودي، ويعضد ذلك أيضاً كتبه الأخرى (قصة التلفزيون) و(إعلام وأعلام) و(نحو إعلام أفضل) بما حوته من رؤى نقدية تشخيصية بصيرة للإعلام.
وقد عني عناية خاصة بالرواد والمميزين في كتابيه (أعلام بلا إعلام) بجزأيه، و(إعلام وأعلام) وما كتبه عن محمد الحمد الشبيلي (أبو سليمان) و(سياسيون حول الملك عبد العزيز) وإبراهيم العنقري، وعبد الله بن خميس، وحمد الجاسر، وغيرهم.