رمضان جريدي العنزي
المتسلقون على أكتاف الغير، كالنباتات المتسلقة على الجدر، لا تستطيع التمدد أو العلو إلى الآفاق الرحبة بشكل رأسي إلا بالاعتماد على غيرها، ترتفع مع الأشجار العالية، وتقصر مع الأشجار القصيرة، وتنبسط على الأرض المنبسطة، وكذا المتسلقون، واهنون وجذورهم وسيقانهم واهنة، لكنهم يجيدون التسلق، يعملون به، ويمتهنونه بحرفية تامة، يظهرون في أماكن الفوز والنجاح، ومنصات التتويج والمناسبات، محاولين خطف وسرقة الأضواء من أصحاب النجاح الحقيقيين، صنف من الناس سيئ، يتلونون كالحرباء مع كل فصل وطقس، ويتصفون بالمكر والكذب والخداع، إذا أقبلوا على الناس يضحكون، وإذا أدبروا عنهم قزموهم ولاكوهم بألسنة تشبه الحديد، يقبحونهم ولا يحمدونهم، ويقلبون الموازين كلها، يجيدون الأكل على كل الموائد، ولديهم وجوه متعددة وأقنعة، يتظاهرون بالصدق والفضيلة، ويدعون الحسن والإخلاص، ويزعمون بأنهم من أهل الفضل والفزعة والمساعدة، وبأنهم أصحاب الحلول، والمبشرون بها، ويدعون بهتًا بأنهم يهتمون بمصلحة الناس والأهل والعشيرة، ولا ينامون الليل من الاهتمام بهم، ومن أجلهم، وبأنهم منهم ولهم، يتظاهرون بما ليس فيهم، ويقولون ما لا يفعلون، ويعظمون أعمالهم وإنجازاتهم ولو كانت واهنة كاذبة، يحبون أن يقال فيهم المدح، وينتشون لطقوس الرقص، ويفرحون لعدسات التصوير، ويجيدون لبس البشت والهندام، ويعملون بكل الوسائل للوصول إلى مبتغياتهم، يركضون خلف الفلاش والصورة، ويهوون التصريحات الواهنة، يريدون الوصول للقمة ولو على حساب شقاء ومعاناة الآخرين، يصعدون على أكتاف الحيارى البؤساء، لا يخجلون من أنفسهم، ولا يشعرون بالذنب، ويوحون لهؤلاء بأنهم مهتمون بهم، ويسعون لأجلهم، يخدعون الطيبين، أصحاب النوايا الحسنة، ويستخدمونهم مطية للوصول إلى أهدافهم وتطلعاتهم، وتحقيق مصالحهم، ولأن ضمائرهم ميتة، ونياتهم رمادية، ويحبون المديح والبروز، فلا يهمهم الكذب والتلفيق والتصريحات الخائبة، ولا يعبأون لجراح الآخرين حالهم ووضعهم ومآسيهم، هم أشبه بالأفاعي المبدلة لجلودها، والتماسيح المخادعة، وأشبه بلاعبي السيرك الذين يجيدون الرقص على الحبال وفق حركات بهلوانية، ومثل مهرجي المسارح المفتوحة، أن ضرر المتسلقين على المجتمع كبير، لأنهم يعيقون النجاح، ويسيؤون للناس، ويعطلون العمل والإبداع والتنمية، ويجيرون كل شيء لأنفسهم زوراً وبهتاناً، إن التسلق مرفوض ومنبوذ في عرف الحكماء والعقلاءوأصحاب الرأي الصائب السديد، لذا على الجميع واجب التنبيه عنهم ومحاصرتهم، وكشف ادعائهم وزيفهم، وفضح أساليبهم لحماية الناس والمجتمع والوطن الأشم من أعمالهم السلبية، وأضرارهم الوخيمة، وليعلم المتسلقون بأنه رغم قوتهم المتعاظمة في التسلق ومحاولة الصعود والبروز على حساب حاجات الضعفاء وظروفهم، فإنهم لن يصلوا إلى ما يريدون، وإن وصلوا فإلى الهاوية، لأن نواياهم سيئة، وغاياتهم رمادية، ومبتغياتهم ليست نبيلة، فيا أيها الناس، احذروا المتسلقين، لا تصدقونهم ولا تصفقون لهم، ولا تفسحون لهم المجالس، أنبذوهم وأنفروا منهم، لأنهم هواة هياط وكذب، وكلام رخيص وعبث، وتصريحاتهم خائبة، ولن ينفعونكم قيد أنملة، ولا أدنى من ذلك.