د. عبدالرحمن الشلاش
طول فترة إجازة الصيف الذي بلغ هذا العام قرابة الخمسة أشهر أفرح الطلاب وأسعدهم خاصة من لا يحبون الدراسة منهم وما أكثرهم، لكنها ألقت بظلال ثقيلة على الأسر فكيف يقضي أبناؤهم الإجازة، وأين وما السبيل لتوفير المال للصرف عليهم.
زاد الضغط على أغلب الأسر وخاصة محدودة الدخل فقد أجبرت على تعديل برامجها الموضوعة ليدخل السفر كمتغير مفروض يقابله غلاء فاحش في أسعار التذاكر والسكن وارتفاع لكل شيء خاصة خارج حدود المملكة وفي دول يصطاد فيها النصابون بعض السياح قليلي المعرفة ومعدومي الخبرة.
بقية الأسر التي لم يكتب لها السفر تمكث في البيوت في محاولات لإيجاد برامج ترفيهية تخفف وطأة الضغط النفسي وتستجيب لرغبات الأبناء، وتقضي على الكسل الذي أصابهم، والسهر إلى ساعات الصباح الأولى، والنوم إلى ساعات متأخرة من النهار، وحين لا يفلح الأهل في تدبير البدائل يرضخون مجبرين لإزعاج الصغار وإلحاح الكبار الذي لا يتوقف لحظة واحدة.
مطلوب تنظيم الإجازات وتقليلها قدر الإمكان نظرًا لآثارها السيئة على المجتمع فالطالب في هذه السن المبكرة لديه طاقة كبيرة وإذا لم يتم إشغاله بالدراسة والبرامج والرحلات فسيشغل الجميع ويتحول إلى عنصر مزعج قد يؤدي كل هذا إلى تفشي جرائم وانحرافات أخلاقية. في هذا الشأن أشيد ببعض الطلبة الذين استفادوا من الإجازة في العمل ومساعدة الأسرة أو المشاركة في الأندية التي تنظمها الوزارة، أو في برامج المسابقات المحدودة جدًا، أو في القراءة وزيادة المخزون الثقافي أو الدراسة في الفصول الصيفية أو الالتحاق بدورات اللغات والحاسب والدورات الإدارية وتطوير الذات.
الأسر تعاني نفسيًّا وماديًّا من تتابع الإجازات فنحن بحمد الله من أكثر الدول إجازات فلدينا إجازة عيد الفطر، وإجازة عيد الأضحى وإجازة منتصف العام الدراسي، وإجازة الصيف التي تمتد لأكثر من ثلاثة أشهر وقد وصلت هذا العام إلى رقم قياسي بلغ خمسة أشهر، ويكتسب الأبناء خلال تلك الإجازات المتلاحقة كثيرا من السلوكيات غير المرغوبة، ثم نأتي في نهاية الأمر لنسأل لماذا لا يحب الطلاب المدرسة بعد أن عودناهم على السهر في الليل والنوم في النهار، وقطعنا صلتهم بالبرامج المفيدة. في الغالب يجب أن لا تزيد فترة الإجازة الواحدة وخاصة الصيفية عن شهرين وما زاد لا يجلب في نظري إلا الضرر البالغ ولعل أولياء الأمور يتفقون معي في هذا الرأي.