أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: دين الله المطهّر ورد بالبراهين العلميّة؛ لتذكّر الناس بما في فطرة الله التي منحها عقولهم؛ وهي فطرة مأخوذة من الضرورات العلمية التي نصبها ربّنا في الأنفس والآفاق؛ ولهذا: فإنّ من واجب المسلم (ولا سيما بعد انتشار القلم، وإيشاك العاميّة على التلاشي)؛ ولهذا كلّه: تلزم التّقوية رياضةً وجهاداً؛ فيكون المسلم شجاعاً بسبب اطمئنان الله قلبه بالإيمان؛ وذلك بالمحافظة على الأدعية الشرعية الصحيحة الموظّفة لزمن أو حالة؛ وكذلك الدعاء المطلق؛ وعليه أن يوزع دعاءه لدينه، ودنياه، وللمسلمين، ولولاة أمرهم، مع الدعاء على أعداء الإسلام، وعلى كلّ من استهزأ بالله، أو بدينه، أو بأحد رسله عليهم الصلاة والسلام، أو بعباد الله الصالحين؛ من أجل صلاحهم!!؟.. مع الاهتمام بالدعاء بعد دعائه لنفسه وأن يدعو لوالديه.
قال أبو عبدالرحمن: تحرّي مظانّ قبول الدعاء مثل السجود، وأدبار الصلوات، وليالي رمضان ولا سيما ما يتحرّى فيه ليلة القدر، والحج والعمرة، وعموم السفر، والثلث الآخر من الليل، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر، وما بين الأذان والإقامة، وأطراف الليل والنهار، وعند نزول المطر، وعند اللقاء مع العدوّ في الجهاد، وعند الإفطار من صيام تطوّعٍ أو فرضٍ، وعندما يكون مضطرّاً من أجل ظلمٍ أصابه.. ولا بدّ من الإكثار من النوافل، ولا سيما السنن الرواتب، وصلاة الضحى، وصلاة الوتر، وكل صيام مندوب.. ولا يشعر بحلاوة الإيمان إلا من عبد الله عن علمٍ وورع، وتطهّر من كسب الحرام، وجاهد الشيطان في أداء صلاةٍ صحيحة؛ بأن يستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه، وأن يستعيذ من الشياطين وأن يحضرون؛ وذلك بعد دعاء الاستفتاح؛ فإنّ للتهجّد يتجلّى استفتاحه الخاصّ؛ وعليه أن يضع كفيه على صدره؛ وذلك أدعى لحضور قلبه، وتكون يده اليمنى على اليسرى، ويضع أصابع اليمنى على حد المفصل من اليسرى؛ ولا يتجاوز طرفه موضع سجوده.. والشيطان لن يتركه؛ بل سيذكّره أشياء نسيها؛ فعليه أن يستعيذ بالله بالاستعاذات التي أسلفتها في كل ركعة قبل التلاوة.
قال أبو عبدالرحمن: من المشهور عند العامة: أنّ عاميّاً: في حكم من نسي أنه في صلاة: كان يحصي بضاعته التي باعها هل قبض ثمنها؛ فتذكّر صاع (يبيس؛ التّمر اليابس): لم يستلم ثمنه؛ فضرب بيدٍ على يدٍ، وقال بصوتٍ جهوري: أوصاع اليبيس!!.. فمثل هذا لا حاجة له إلى جهاد الشيطان عن الوسوسة؛ لأنه صلّى شكلاً، ولم يصلّ حقيقةً؛ فهو لم يدخل صلاته بخشوعٍ قلباً وهيئةً أداءً.. وإذا كان سيصلي بعدها نوافل وقد أشغله الشيطان في صلاته: فليبصق عن يساره، ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات.. وههنا أذكّركم أنّ الشيطان يوسوس في الصدور؛ ولكنه لا يعلم ما في الصدور، بل يوسوس لك بما علمه من سلوكك، وحركاتك؛ وأقوالك، ومعتاد حياتك؛ فإن حصلت لك وسوسة متعلقة بشيءٍ أضمرته في نفسك لا يعلمه إلا الله: فذلك من حديث النفس ووسوستها؛ فإنّها أمّارة بالسوء.. والملكان الرقيبان عليهما السلام يكتبان ما في الصدور؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يعلّمهما، أو أنّه سبحانه وتعالى أذن لهما بعلم ذلك؛ لإحصاء الله سبحانه وتعالى صحائف أعمالنا؛ صارت الوسوسة شيئًا يوضع في الصدر؛ ولمّة الملك عليه السلام نقيض وسوسة الشيطان والنفس.. والكهانة بأنّ الشيطان لعنه الله يعلم ما تَفكّر فيه الإنسان: دجل؛ وإنّما هناك كهانة من الشيطان بما وضعه في الصدر من الوسوسة؛ وقد يكون ذلك تخميناً قد يصدق أو يكذب؛ وذلك بدلائل ظاهرةٍ من همومك، ومن حركاتك، وأقوالك، ومعتاد حياتك؛ مما ينقله الشيطان للكهّان؛ وفي حال القيام لكل ركعة يباعد قليلاً بين رجليه حتى يحصل له الاتزان، وسألخص في هذه الوصية إن شاء الله أشياء من أمر الصلاة؛ فإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.