ماجدة السويِّح
الهوس بالفلترة دفع العديد من النساء وكذلك الرجال إلى الخضوع لعمليات تجميل، بهدف الحصول على شكل جديد، وملامح محسنة كما تبدو في الصورة المفلترة.
بحسب دراسة قام بها باحثون في المركز الطبي ببوسطن حذّروا فيها من التأثير الكارثي لاستخدام فلاتر السناب شات على احترام وتقدير الناس لذاتهم، كما أن استخدام الفلترة من شأنه أن يكون محفّزاً لاضطراب التشوه الجسمي، والمعاناة والهوس بعيوب حقيقية أو وهمية تفقدهم الثقة بالنفس، والعيش بصورة طبيعية.
في مجتمعنا نرى ونلاحظ إدمان الفتيات والنساء خاصة على استخدام الفلترة والمحسنات على الصور، على سبيل المثال يندر الآن استخدام الصور في الشبكات الاجتماعية دون فلترة، فالغالبية تعتمد على الفلاتر في نشر ومشاركة الصور والفيديوهات، لكن الهوس بالفلترة له عواقبه الصحية وآثاره النفسية، والبحث عن الكمال ومقاييس الجمال المثالية التي لا توجد سوى في برامج الفوتوشوب، أو مرشحات الجمال التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لخلق صور افتراضية، لذا بادرت بعض المجتمعات إلى إطلاق حملات تستهدف المراهقين والفتيات خصوصاً لإعادة تعريف الجمال، والتخفيف من الآثار السلبية على الصحة الجسدية والعقلية، والعلاقات الاجتماعية.
من أجمل الحملات الهادفة والموجهة للمرأة حملة شركة الـCVS للأدوية والتجميل الأمريكية التي بدأت عام 2018 واستمرت حتى الآن، وتركز على إعلانات الجمال، واستخدام صور وفيديوهات طبيعية غير معالجة ببرنامج الفوتشوب، حيث تعكس الصور التنوّع في الجمال، وتمثّل مختلف النساء في البلاد.
اعتمدت الفكرة على خلق صور واقعية للمرأة، والتركيز على جمال كل امرأة وتفرّدها دون الحاجة لفلاتر ومحسنات للصور المعروضة.
من الناحية الإستراتيجية تمتعت الحملة الإعلانية التي طورتها صيدلية CVS بنجاح هائل، وحصلت على دعم واستجابة إيجابية من الجمهور، لمبادرة الشركة في حملتها مع تزايد الضغوطات على الفتيات والنساء فيما يتعلّق بمقاييس الجمال المصطنعة بواسطة الفوتوشوب أو فلاتر سناب شات.
حددت الشركة أهدافها وغاياتها على وجه التحديد وشرحت للجمهور الرسالة، وكانت صادقة مع عملائها في استخدام صور مشاهير وعارضات لعرض مستحضرات وأدوات التجميل دون أية تعديلات تذكر على الإعلان، فالحملة تركيزها كان على إيصال رسالة مهمة حول آثار الإعلان غير الواقعي على الصحة والثقة بالنفس ومستقبل المجتمع، فصور الجسم والوجه غير الواقعية تلعب دوراً لا يُستهان به في الهوس بالجمال غير الواقعي، والبحث عن عمليات تجميلية مكلفة، وفقدان الشعور بالرضا، وكذلك فقدان الثقة بالنفس.
اكتسبت الحملة دعماً مميزاً من النساء في جميع الولايات ونجاحاً كبيراً لعدة أسباب، أولها لأنها ركزت على الصحة الجسدية والنفسية، ثانيها لأنها خلقت انطباعاً إيجابياً تجاه الجمال الطبيعي، والتنوع والاختلاف بين النساء، ولأنها صممت بأيد نسائية تعلم حقيقية الاحتياج لتلك الحملة مع تنامي الهوس بعمليات التجميل، أو فلترة الصور.
هذه المبادرة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فقد سبقتها شركة DOVE بتصميم حملة عن الجمال الحقيقي، وتنوع الجمال بتنوع اللون والشكل والحجم.
كان للمسؤولية الاجتماعية والإحساس بحاجة المجتمع دور في توجيه المبادرات لخير وصحة المجتمع. وفي ظل تنامي إدمان الفلترة ما أحوجنا إلى مبادرة وحملة اجتماعية وصحية، لإعادة الثقة والاطمئنان لبناتنا وأولادنا، مع تفشي ظاهرة المبالغة بفلترة الجمال الطبيعي.
الأمل كبير في مبادرة الشركات الكبرى للقيام بمسؤوليتها الاجتماعية، بالتعاون مع كل من وزارة الصحة والتعليم، لإعادة تعريف الجمال دون رتوش وفلاتر مصطنعة.