فهد بن جليد
انفصال الزوجان عن بعضهما -لأي سبب- لا يعني بالضرورة طلاق أسرتيهما أو عائلتيهما مهما كانت الخلافات عميقة، مثل هذه المواقف يجب مواجهتها بحكمة وتفاؤل وإيجابية، لجعل الطلاق الذي حدث بين الزوجين بداية حل لمشكلة، وليس مشكلة جديدة من القطيعة بدأت للتو على نطاق أكبر، الحل -برأيي- حتى لا تحدث أو تتكرَّر حالات الانفصال المجتمعية تلك أن تبدأ الخطوة من داخل المنزل وبين الزوجين بالتفاهم والقناعة قبل اتخاذ الخطوة أو طلبها، فمثل هذه الحالات تحدث في كل المجتمعات بطريقة أسهل وأكثر تفهماً وتنظيماً مما يحدث عندنا، خصوصاً في حال وجود أطفال بين الزوجين وتأكد أنَّ استمرار الحياة بين الأبوين مُستحيلاً، وبيننا في المجتمع السعودي حالات نموذجية عديدة لكيفية الرحمة والخوف على الأبناء، وتفاهم الزوجين السابقين بطريقة إيجابية تستحق الإشادة بعيداً عن الأنانية التي نسمع عنها في بعض القصص، من محاولة بعض الأزواج والزوجات الانتقام من الطرف الآخر بحرمانه من أطفاله، أو تشويه سمعته وصورته في أذهانهم، بما يخلفه مثل هذا التصرف من أثار تتجاوز الأسرة لتطال المجتمع، وتلك مُمارسات أخالها محدودة وشاذة تعظمها الروايات وأحاديث السمر الرجالية والنسائية، على العقلاء والحكماء في كل أسرة التدخل لإيقافها -إن وجدت-.
البريطانية «كيلي هوب» قدمت للعالم هذا الأسبوع صورة رائعة لكيفية التضحية من أجل الأطفال بعد الطلاق، فقد تبرَّعت بكليتها لطليقها الذي انفصلت عنه مُنذ «5 سنوات» لأنَّها لا تريد أن يعيش أطفالها دون أب، تسامت فوق ألم الجراح والخلافات وكان لموقفها أثر كبير في صنع الأمل والإيجابية لكل من سمع بها أو رأى صورة الزوجين المنفصلين في المستشفى وبينهما طفليهما، وأنا مُتأكد أنَّ في مجتمعنا السعودي قصص ونماذج أخلاقية مُشابهة تفوق مثل هذه التضحية في الإيجابية والتفاؤل بين الأزواج المُنفصلين لا يعلم عنها أحد، فللأسف ما يتم تداوله بسرعة وشغف هي قصص الحرمان والعراك والمناكفات وأخبار الصراعات في أروقة المحاكم، بينما نحن في أمس الحاجة لإظهار المواقف والقصص الإيجابية التي تبعث الأمل والتفاؤل.
الخلافات الزوجية قبل وقوع الطلاق من الملامح الخاصة التي يجب إدارتها واستيعابها بحكمة وتأني بعيداً عن «أعين الناس» وتدخلاتهم، التي لا تجلب إلا مزيداً من «الخلافات العمياء» بردود فعل أكبر وأعمق لا يستطيع الزوجان السيطرة عليها حتى لو رغبا في ذلك، الموَّدة والرحمة بين الأزواج يجب أن تستمر سلاماً داخلياً بعد الانفصال، وتتأكد في حال وجود الأطفال لإبقاء أبواب الرجعة مفتوحة أو على الأقل الوقوف على منصات الإيجابية والتفاهم من أجل حياة أسعد للأبناء، الشهر الماضي تركت زوجة بريطانية أخرى «بطاقة تهنئة» لزوجها الذي تبرع لها بكليته كتبت عليها «لقد سرق قلبي فسرقت كليته».
وعلى دروب الخير نلتقي.