متعب بن ناصر العباس
هل بدأنا نستوعب ذلك المفهوم جيدًا، هل بدأنا ندرك أهمية مواكبة ذلك المفهوم على التغييرات الجديدة المحيطة بنا في بيئة العمل. لا شك أننا سنسمع عن عواقب يمكن أن تمس تلك المنظمة إذا لم تواكب تلك التغييرات الضرورية. فعندما يتحرك العالم من يحولك ويتغير فأنت بحاجة إلى مواكبة ذلك التغيير وإلا سوف تقف مكانك.
خلال فترة قادمة سنجد الكثير من القادة أو المنظمات ستختفي بسبب عدم قدرتها على التغيير ومواكبتها للمفاهيم الجديدة، حقيقة رأيناها من قبل كم شاهدنا أسماء شركات كانت بارعة في ذلك الوقت، وبسبب عدم قدرتها لمواكبة المستجدات والتغييرات الجديدة التي قد تطرأ على الحياة الاجتماعية والعالم بأكمله اختفت من السوق.
أبرز تلك المفاهيم الجديدة الذي برز لدينا مؤخرًا وبشكل قوي وهذا يأتي بفضل من الله ثم دعم ومساندة حكومة الرشيدة، الذي أعتبره من وجهة نظري الشخصية ليس جديدًا من خلال قرأتي له منذ نشأته، إلا أن التغييرات الجديدة أسهمت في ظهور هذا المفهوم بشكل قوي والعمل على وضع كافة الخطط للوصول إلى ما نصبو إليه من خلال هذا المفهوم، هو «تمكين المرأة»، ذلك المفهوم الذي ظل غائبًا لسنوات طويلة، إلا أنه منذ بزوغ عهد جديدا لمملكتنا الحبيبة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- بدأت حكومتنا الرشيدة باتخاذ خطوات جادة نحو تمكين المرأة.
في البداية ربما أن المفهوم جديد لدى بعض المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة، مع العلم أنه لدينا شركات سعودية عملت على هذا المفهوم منذ زمن طويل، وأبدعت في ذلك الشأن.
فالتمكين في اللغة يعني التعزيز والتقوية، ويمكن تعريف التمكين اصطلاحاً بأنه دعم عناصر البنية التحتية للمؤسسة أو المنظمة من خلال تقديم كافة المصادر الفنية وتعزيز دور الأفراد العاملين في تلك المؤسسات ومنحهم الحوافز والقوة والمعلومات التي يستطيعون من خلالها العمل.
والتمكين كما عرفه مورال ومرديث هو عملية منح الأشخاص القدرة على تولي العديد من المسؤوليات من خلال تقديم الدعم المعنوي والتدريب اللازم والثقة بهم، وقد يكون هذا التمكين بشكل عام للشباب والمرأة، والسؤال هنا هل تم تمكين الشباب السعودي في تلك المنشأة أو المؤسسة؟ والجواب من وجهة نظري ليست كل الأجهزة والمؤسسات للأسف استطاعت أن تحقق هذا الهدف! على الرغم من أن قيادتنا الرشيدة سارت بخطوات متسارعة في هذا الجانب، حيث أدركت دولتنا الغالية رعاها الله من خلال نظرتها الثاقبة ونهجها الموضوعي أن مستقبل هذه البلاد المباركة سيكون على أيدي شبابها وتمكينهم في مختلف المجالات سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الرياضية.
فمنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان زمام أمور هذه الدولة ومقاليد الحكم، ومفهوم تمكين الشباب أصبح حاضرًا بقوة في تنمية ونهضة هذه البلاد، ولا تزال هي النسبة الكبرى التي تعمل بها قيادتنا الرشيدة في مختلف المجالات، وبفضل من الله ثم دعم حكومتنا الرشيدة أيدها الله ساهمت فئة الشباب وبشكل متسارع في تحقيق التنمية لهذا الوطن الغالي.
ونعود إلى المصطلح الذي يهمنا في هذه المقالة وهو تمكين المرأة الذي يعرف بأنه إعطاء مزيد من القوة للمرأة، والمقصود بالقوة هنا المستوى العالي من التحكم بحيث تتمكن المرأة من العمل بابتكار وإبداع والتعبير عن رأيها بكل أريحية، والمشاركة في اتخاذ القرارات إن لم يكن صنع القرار، بالإضافة إلى قدرتها على تحديد الاختيارات الاجتماعية والمشاركة في كل المستويات، والتأثير في قرارات المجتمع، بحيث تكون مشاركتها ذات قيمة ونفع، ولا شك أن بيئة العمل هي اللبنة الأولى والمكان المناسب نحو العمل على الكثير من الخطط الإستراتيجية لتهيئة المرأة إلى الانتقال نحو القيادة.
وبفضل من الله ثم دعم ومساندة قيادتنا الرشيدة ما زالت مملكتنا الغالية تواصل تحقيق المزيد من الطموح في موضوع تمكين المرأة بما يتواكب مع أهداف رؤية 2030 التي تستهدف رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل بنسبة 30 %، بالإضافة إلى تمكينها للعمل في مناصب قيادية سياسية، فضلاً عن مشاركتها في مجلس الشورى والمجالات الأمنية، وتوليها المناصب العليا في الكثير من القطاعات.
وبلا شك أن العمل وفقًا لهذه الخطة الإستراتيجية نحو تمكين المرأة ودعم قدراتها بالتأهيل والتدريب والتطوير، وإتاحة الفرص للمرأة السعودية سيجعلها شريكاً حقيقياً فاعلاً في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 وبناء وتنمية ونهضة هذا الوطن الغالي ليكون نموذجًا ناجحًا في مختلف المجالات.
ومن هنا نجد أن مفهوم التمكين الذي ظهر في نهاية القرن العشرين من أكثر المفاهيم التي تعترف بالمرأة كعنصر هام وفاعل في التنمية، وهذا ولله الحمد ما تعمل عليه بلادنا الغالية، حيث يأتي تمكين المرأة في عدة مجالات، وليس فقط المعني به هو التمكين الإداري بل التمكين السياسي والقانوني والمجتمعي والاقتصادي. تمكين المرأة في بعض المؤسسات الخاصة والحكومية التي ما زالت تعاني من عدم تمكين المرأة وتهيئة البيئة المناسبة لها التي تستطيع من خلالها التقدم والتطور والمساهمة في تحقيق أهداف تلك المنظمة يحتاج إلى إدارة مرتبطة بأعلى منصب قيادي في تلك المنظمة، والتي يمكن لهذه الإدارة العمل على إعداد الخطط المناسبة لتمكين المرأة والعمل وفقا لتوجيهات حكومتنا الرشيدة واستثمار دعم ومساندة قيادتنا الرشيدة للمرأة السعودية، والتواصل المستمر مع تلك الجهات الحكومية أو الخاصة التي تدعم مسيرة المرأة في بيئة العمل. قد يساء فهم تمكين المرأة والذي يعتقده البعض هو العمل على زيادة نسبة توظيفها فقط من دون منحها التدريب والتأهيل اللازم الذي يمكنها بالتقدم والتطور نحو تبوؤ المناصب القيادية العليا.
إن تمكين المرأة رؤية يجب أن يؤمن بها أولا حتى تستطيع العمل بهذه الرؤية من خلال العديد من الخطوات والأنشطة التي ستساهم بإذن الله في نهاية المطاف إلى البيئة المناسبة والمحترفة للرجل والمرأة على السواء، والتي ستساهم بلا شك في تحقيق تطلعات هذا الوطن الغالي وطموحات ولاة أمورنا وأبنائها من أجل صناعة المستقبل المشرق بإذن الله، حيث إن تمكين المرأة يساعد على تعزيز القدرة التنافسية لمملكتنا الغالية ومساندة نموها في مختلف المجالات، فالمرأة مورد ذو قيمة يجب أن تستثمر في اقتصاد هذه البلاد المباركة.