محمد سليمان العنقري
بدأت الحرب التجارية بين أمريكا والصين تتحول إلى استخدام سلاح خفض العملة في هذه المرحلة بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي نيته فرض رسوم إضافية على الصين بدايةً من سبتمبر المقبل؛ فقد ردت الصين بالسماح بهبوط عملتها أمام الدولار لمستويات لم تصلها منذ عشرة أعوام، حيث بات الدولار يعادل أكثر من سبعة يوان صيني فهذا التحول لمربع حرب العملات سيكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي.
وتكمن الخطورة في أن أمريكا التي بدأت تخفض سعر الفائدة لدعم نمو اقتصادها قد تبدأ هي أيضا باستخدام سلاح خفض الدولار مما يعني أن صداماً عالمياً سيبدأ ولن ينتهي إلا بإنهاك أطراف على حساب أخرى، وستتسع دائرة حرب العملات لتشمل منطقة اليورو وكل الاقتصادات الكبرى فلا يمكن أن تقف بقية المناطق والدول الكبرى اقتصادياً متفرجة على سلسلة خفض عملتي الصين وأمريكا دون تحرك مشابه لأنها ستتضرر وتفقد الكثير من وزنها في التجارة الدولية مثل منطقة اليورو واليابان مما سيعني بالضرورة وصول الاقتصاد العالمي لركود وقد يكون عميقاً وله تداعيات سلبية كبيرة ولن يكون الخروج منه بفترة قصيرة بل سيحتاج لسنوات للتخلص من آثاره المدمرة.
فحرب العملات ستنعكس على استقرار اقتصادات الدول الناشئة بشكل أساسي ومع تفاقم فرض الرسوم التجارية بين أمريكا والصين سيؤدي ذلك لتراجع كبير بالطلب على السلع والخدمات عالمياً وسيكون لذلك تأثير سريع بانخفاض إيرادات الشركات وتحول بعضها لتحقيق خسائر في أغلب دول العالم مما سينعكس على قدرتها الوفاء بالتزاماتها خصوصاً اتجاه سداد قروضها وهذا ما سينقل أزمة الرسوم التجارية واستخدام سلاح العملات فيها إلى أزمة مالية جديدة طاحنة قد تتسبب بإفلاس بنوك كبرى بالعالم وهذا ما سيعني انهياراً بالنظام المالي الدولي وانعدام للثقة سيكون لزمن طويل بالإضافة إلى العامل الأهم وهو عدم قدرة الدول الكبرى على اتخاذ تدابير بمواجهة أي أزمة مالية فقد استنزفت ذخيرتها في أزمة 2008م؛ ومن الصعب على الفيدرالي الأمريكي أو الصين أو أوروبا تقديم نفس الحزم من الإجراءات التي استخدمت سابقاً للخروج من أزمة 2008 والتي كانت كلفتها تريليونات من الدولارات أدت لارتفاع كبير بالديون السيادية لمعظم الدول الكبرى فحجم الديون بالعالم اليوم يفوق 230 تريليون دولار منها قرابة 70 تريليوناً ديون سيادية على الدول، فإذا ما توسعت دائرة الحرب لتشمل أدوات جديدة وتدخل فيها مناطق جغرافية أخرى فإن انفجار فقاعة الديون سيكون واقعاً لا مفر منه ولن يستطيع أحد احتواء آثارها السلبية الكبرى.
الجواب على تفاقم الأزمة بين أمريكا والصين ظهر بالأسواق المالية التي بدأت تستعد للأسوأ بهبوط حاد فوصول حرب الرسوم لمرحلة استخدام سلاح العملات يعد أمراً خطيراً وتحولاً لا يمكن قياس حجم ضرره الذي سيكون ضخماً وسيؤدي لنزاعات دولية كبرى ويصبح الخروج منها لا يكون إلا عبر حروب عسكرية طاحنة، لأن الضرر سيكون عميقاً باقتصادات الدول الكبرى وسيهز استقرارها، مما سيعني أن مراحل جديدة سيشهدها العالم بتلك المواجهات لكنها ستكون حروب حقيقية تستخدم فيها أشد الأسلحة فتكاً بالعالم ولا يمكن توقع من سينتصر بنهايتها لكن المؤكد أن دماراً هائلاً سيصيب الجميع دون استثناء.