رمضان جريدي العنزي
القطار لا ينتظر أحدًا، يأتي في الوقت المحدد، ويذهب في الوقت المحدد، والجالسون على قارعة الطريق يختلفون جذريًا عن الراكضين في دروب الحياة، والنائمون في السرر الوثيرة لا يشبهون مطلقاً الساعين نحو تحقيق الآمال، وأصحاب الأماني والخيال لا يقارنون البتة بأصحاب الهمم والتطلع، والطائر كسير الجناح لا يستطيع أن يطير أو يحلق، وكذلك الكسيح لا يستطيع الركض والسبق. إن الناجحين هم الذين يملكون الأهداف ولديهم تطلع، يعملون بدأب ليلاً ونهارًا، يبذلون الجهد والوقت، ولا ينامون إلا قليلاً، ويهجرون التوافه من الأمور، لأنهم يبحثون عن ملذات للنهايات الجميلة والتي حتمًا لا تجيئ إلا بعد معاناة وتعب ومشقة. إن الناجحين في الحياة بشر مثل أي بشر، يأكلون كما يأكل الآخرون، ويشربون كما يشربون، ينامون كما ينام البشر، ويستيقظون كما يستيقظ البشر، لكنهم اكتشفوا ذواتهم، وعرفوا قدراتهم، فأحسنوا توظيفها. نبذوا التسويف والتردد والكسل، فكروا وخططوا وفعلوا العقل، تمهلوا واستشاروا، وتوكلوا على الله، وبدؤوا العمل. عكس الكسالى المتلفين لعقولهم، والمعطلين لقدراتهم، يكونون عالة على الأهل والمجتمع والوطن، لأنهم يستنفعون بغيرهم ولا ينفعون أحدًا، أحلامهم قصيرة، وتطلعاتهم دونية. فنعم الناجحون المجتهدون، الذين عملوا بجد حتى جف عرقهم، وحققوا آمالهم وتطلعاتهم، لم يرضوا بأبسط الأمور، ولم يتعلقوا بأيسر الأهداف، وهمومهم تدور دائمًا في كيفية التقدم والتميز، عرفوا قيمة الوقت واستثمروه بدقة، رتبوا أوقاتهم، وجعلوا الأولويات في المقدمة، تعاطوا مع الأشياء والظروف بتؤدة وعقل وهدوء، تميزوا بالثقة بالنفس والإقدام والمبادرة، وتحلوا بالمرونة والصبر، وطموحهم دائمًا متجدد، عندهم مهارات تخطيط ومهارات إتصال وتواصلهم مع الآخرين فعَّال، ولم يسمحوا للآخرين وأجهزة اللهو ومواقع التواصل وأصدقاء الفوضى أن يسرقوا الوقت. وبئس الكسالى الذين ضاجعوا النوم والسهر والعبث، ولم يحققوا مناهم وأحلامهم وتطلعاتهم، ولم يمشوا إلا في غيهم وعبثهم وهواهم وسرد الكلام الممل والهياط المقيت.