فهد بن جليد
تجاوزات بعض مقاولي المشاريع في المدن، لا يجب أن تنتظر الرقابة الروتينية الحكومية حتى تكتشفها، عين المواطن الفاحصة والقريبة ستظل هي الرقيب الأول الذي ينتظر أن تُساهم في فضح تلك الممارسات الضارة وغير المسؤولة، في حادثة كورنيش الخبر يتضح أن ما يكشفه المواطن يمكن أن يتحول إلى قرار مُحاسبة نافذ بشكل أسرع حتى من الإجراء الرقابي المُتبع نفسه، عندما تصاعدت أزمة تلوث شاطئ الخبر والإضرار بالبيئة وتدخل السلطة الأعلى في المنطقة، لتؤكد أنَّ دور المواطن مهم جدًا في كشف وفضح مثل هذه الحالات، وهذا لا يعفي بالتأكيد عن المُساءلة لغياب دور الرقابة، وهو السؤال الذي يظل مطروحاً عن أسباب تأخر الجهاز الرقابي المعني في اكتشاف هذه التجاوزات وتدخله المُبكر، فإن كانت عين الرقيب غائبة فهذه مشكلة، وإن كان هناك تلكك أو تباطؤ في التدخل بطول الإجراءات وعدم مناسبتها لمواجهة هذه الحالات في المشكلة أكبر وتحتاج تطويرًا لتتناسب مع الوضع القائم، وهو ما يتطلب تعزيز عملية الرقابة من الأجهزة الحكومية المعنية بالحفاظ على سلامة البيئة، واتخاذ الإجراءات الرسمية بشكل أسرع وعملي بحق المُخالفين حسب نظام البيئة.
تمادي المُخالفين وجرأتهم في التخلص من مياه الصرف الصحي -غير المُعالجة- في مياه الكورنيش وبالقرب من مرفأ الصيادين -رغم تعالي أصواتهم ونداءاتهم-بالشكوى من مثل هذه المُمارسات الضارة، هي جريمة بحق البيئة والإنسانية وثروات الوطن الطبيعية، تصدى لها تدخل سمو أمير المنطقة الشرقية بصرامة عندما وجه بتطبيق العقوبات المقررة نظامًا بحق مقاول التشغيل والصيانة لمحطة المعالجة بالخبر، والأهم هو توجيه سموه بإيجاد الحلول اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذا الخطأ، الذي قد يكون ناتجًا عن اجتهاد وتساهل وعدم مبالاة بالالتزام بالتعليمات التشغيلية المتبعة.
هذ الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ولكنَّها حتماً قدمت لنا نموذجًا عمليًّا لأهمية مبادرة المواطن في الحفاظ على البيئة وسلامتها في كل مدينة وقرية، وكيفية استجابة المسؤول الأول وتدخله بالسرعة المطلوبة والوقت المناسب، لوقف تجاوزات بعض المقاولين في التخلص من «مخلفات أعمالهم» بطريقة غير نظامية عبر مكبات عشوائية، فممارسات بعضهم الضارة بحق البيئة ستتوقف وتختفي تماماً لو قام كل مواطن بدوره الإيجابي في الإبلاغ ورصد تلك المخالفات والتجاوزات تماماً مثل ما حدث في الخبر، ولم يغمض عينيه في انتظار تدخل الجهة المعنية بحكم المسؤولية، فكلنا مسؤولون للحفاظ على وطننا وبيئتنا.
وعلى دروب الخير نلتقي.