سهوب بغدادي
بطبيعة الحال يتميز الإيجابيون غالباً برؤية الخير في الآخرين ويتمتعون بالعقلية الإيجابية في مواقف الحياة وإن كانت سلبية مع الحفاظ على التفاؤل والنظر إلى الجانب المشرق، وذلك جميل جدًا ويتماشى مع المقولة الشهيرة «تفاءلوا بالخير تجدوه»، فالنفس تنفر من الأشخاص السلبيين وتأنف منهم، وفي المقابل تنجذب الأنفس إلى الأشخاص الإيجابيين وحديثهم المحفّز ونظرتهم المضيئة إلى الأمور إلا أن الإيجابية قد تخرج عن الحدود المقبولة لتصل إلى حد النفور وأذكر هنا بعض الشخصيات الإيجابية بسلبية ومنهم من يمطرك وغيرك بالكلمات التحفيزية ويمدح ما ليس فيك «أنت عظيم، وأنت رهيب» وأنت تعلم يقيناً بأنه يبالغ - ولا أقصد الشخص المصلحجي هنا- أيضاً من يراك مريضًا أو في حال سيئ فيبادر بقول «ما فيك إلا العافية، أو لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا، أو أنت انتهيأ» لن أنسى ذلك الموقف المروّع عندما فقدت إحدى صديقاتي في الغربة والدها ذات ليلة وكانت في حال يُرثى لها، ريثما كانت تهم بالذهاب إلى المطار لتلحق بجنازة أبيها أتتها إحدى الزميلات وكانت تمتاز بالإيجابية المطلقة فقالت لها «لا تبكي يا فلانة، خيرة» فما كان من صديقتي إلا أن تنفجر بالبكاء أكثر فأكثر حتى سقطت على الأرض من شدة وقع كلمات الزميلة هداها الله. صحيح، أن كل شيء من الله خير ولكن لكل مقام مقال ولا بأس من البكاء ولا ضير من الحزن، بل إن عدم البكاء والحزن في بعض الأمور يعد أمراً سلبياً.
عزيزي القارئ خذها مني قاعدة لا يوجد شخص إيجابي أو مبتسم أو خدوم وما إلى ذلك من الصفات الجميلة في كل الأوقات أي إذا وجدت شخصاً يضحك على مدار اليوم وكل يوم في الأسبوع دون انقطاع أو تغيّر في مزاجه فاعلم أن هذا الشخص يعاني من مشكلة أو أنه لا يظهر وجهه الحقيقي في وجودك وقس على ذلك. الإنسان مثل البصلة - عذرًا لم أجد مثالاً أفضل- فالإنسان الطبيعي له طبقات عديدة تضفي أبعاداً معقدة وجميلة بمفرادتها له فمن كان يمتلك طبقة واحدة لن يكون آدمياً، بل إنسان آلي مبرمج على نظام أحادي عقيم.