محمد آل الشيخ
من خلال صراعاتنا مع العدو الفارسي الحاقد على كل ما هو عربي، توصلت إلى نتيجة مفادها أن الإيرانيين جبناء، ويكتفون من الحروب بالجعجعة والعنتريات الكلامية، لكنهم لا يباشرون الحروب بأنفسهم، وإنما يستأجرون مرتزقة ليحاربوا عنهم. ويبدو أن درس هزيمتهم من صدام في نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم شكلت للملالي الذين يقودون إيران شعورًا عميقًا بالخوف المختلط بالنقص، جعلهم يتهيبون أن يقوموا بأنفسهم بمباشرة النزاعات والمماحكات التي يفتعلونها هنا وهناك، ويوكلون مثل هذه المهمات لغيرهم من الشيعة غير الإيرانيين، وأحيانًا غير الشيعة أيضًا، مثل القاعدة وإرهابيي جماعة الإخوان الدموية؛ وللحق أقول إنهم حققوا قدرًا لا يستهان به من النجاح، لكن السؤال الأهم في هذا السياق: هل لديهم القدرة على الاستمرار؟.. الولي الفقيه يصرف على هؤلاء المرتزقة المستأجرين مبالغ مهولة من مداخيل إيران المالية، ويجعل مصاريف المرتزقة هؤلاء على رأس أولوياته، وقبل متطلبات تنمية الإيرانيين الذين يتضورون جوعًا وتخلفًا في الخدمات بمختلف أنواعها، حتى يمكن القول إن كادر حزب الله - مثلاً - في لبنان يعيش من حيث توفير الخدمات والرفاه الاقتصادي أفضل وبكثير من المواطن الإيراني، وكذلك الأمر بالنسبة لأعضاء الحشد الشعبي في العراق، والأمر نفسه ينطبق إلى حد ما، وبشكل أقل على الحوثيين، فهناك قسم من الدعم الذي يتلقاه الحوثيون يأتي من (خبول) القطريين. بعد العقوبات الأمريكية أصبح الإيرانيون، ولأول مرة في تاريخهم، يواجهون مشكلة تمتد إلى وجودهم، وهناك شبه إجماع أن اقتصاد إيران من الداخل مهترئ، ويزداد ضعفًا يومًا بعد الآخر، فأسعار السلع والخدمات تتضخم بشكل جنوني، وسعر صرف العملة الإيرانية أمام العملات الصعبة يتهاوى، والإيرانيون لا يجدون من قيادتهم إلا عبارات وشعارات بطولية وعنترية، لا يعرفون أين يصرفونها؟
الرئيس الأمريكي دخل معهم في معركة كسر عظم لن ينهيها إلا الرضوخ ولاستسلام لشروط الأمريكيين، وكما قال في قمة العشرين في اليابان: لست في عجلة من أمري، بينما الإيرانيون يختنقون يومًا بعد الآخر. حتى (حزب الله) الذي دفع له الإيرانيون منذ نشأته المليارات، بدأ يظهر (مرونة) تجاه الفرقاء الآخرين من اللبنانيين لم يعرفها في تاريخه؛ وهو يعرف يقينًا أنه إذا فقد الدعم الإيراني فلن يستطيع أن يحافظ على نفوذه، كما أن ديون لبنان الخارجية والداخلية التي تتجاوز التسعين مليار دولار، شكلت هي الأخرى أعباء ثقيلة إضافية، تقع على كاهله، فإليه يعيد عقلاء اللبنانيين مسؤولية هروب الرساميل المليارية من الاستثمارات في لبنان، كما أن سيطرته على السلطة القضائية جعلت من القضاء هناك سلطة تتلقى التعليمات، وتوجيه الاتهامات والأحكام من الضاحية في بيروت.
ورغم الجعجعات والتحديات فإن وضع إيران الاقتصادي مزرٍ، والروابط بين الإثنيات والملل والمذاهب تتفكك، وقدرة السلطات الأمنية على الضبط بالقمع والهراوات لا يمكن أن تدوم، كل ما تريده الآن إيران لتنفجر أوضاعها من الداخل مجرد (شرارة)، وكما يقولون (ومعظم النار من مستصغر الشرر).
والسؤال: هل سيصبر الإيرانيون على أوضاعهم المزرية طويلاً؟.. لا أظن، فكل الثورات التي عرفها التاريخ يكون باعثها الأول والأهم هو التدهور الاقتصادي.
إلى اللقاء