د. محمد عبدالله الخازم
يعود موسم الحج بلهفة عباد الرحمن المصحوبة بالصلوات، يتابعهم محبوهم بالشوق والأمنيات. ومن لم يتابع لأجل قريب أو حبيب أو صديق، فلأجل التأمل والاتعاظ من هذا الحدث العظيم. وبعضنا جزء من مهمته الرصد والنقد والتحليل للتفاصيل. الإنصاف يتطلب الإشادة بالجهد الكبير الذي يبذل من قبل الجميع في محاولة إخراج موسم حج أمن ميسر وموفق للجميع. تبذل كافة القطاعات جهوداً جبارة في هذا المشهد العظيم، وتختلف وسائلها في ذلك، فبعضها تعتمد على زيادة أعداد المشاركين من طرفها في العناية بالحجيج وبعضها تعتمد التقنية بشكل أكبر، وهكذا.
نكرر الكتابة والأسئلة يطرحها البعض كل عام؛ هل هناك ميزانية معلنة ومحددة للحج سنوياً؟ وكم عدد العاملين في تنظيم الحج سنوياً؟.. الإجابة؛ السعوديون يتحرجون من إعلان مثل ذلك، فكل ما يبذل على الحج يعتبرونه واجب لا منة فيه، وهمهم الدائم هو النجاح. موسم الحج ليس مجرد مناسبة تقام فتطوى بعدها الخيام حتى يأتي الموسم المقبل، بل عمل مستمر يسابق الزمن طوال العام، تقوم به جميع الجهات كجزء من واجباتها ومسؤولياتها، وبالتالي يصعب إجابة السؤال بدقة متناهية.
كل مشروعات التنمية بالذات في المناطق والمنافذ ذات العلاقة تصب في خدمة الحج، فمن ذا يستطيع حصرها وإحصاءها!.
سؤال ثان؛ في الأولمبياد تفاخر الدولة المنظمة بأعداد المتطوعين والمتطوعات في التنظيم، بل يعتبر عمل المتطوعين هو العنصر الأهم في كثير من الأعمال المصاحبة للألعاب الأولمبية وما يماثلها من تجمعات رياضية وغير رياضية. كم عدد المتطوعين من الشباب والشابات السعوديين في موسم الحج؟.. وأردف متحمساً؛ أتصورها فرصة سنوية لتطوع مائة ألف شاب وشابة سعودية وخبير وخبيرة سعوديه!.
لا ينكر وجود التطوع في الحج والرغبة في القيام به من قبل المواطنين والمقيمين؛ لكن ليس هناك برنامج واضح بما فيه الكفاية للتطوع لدينا. والتطوع هنا يقصد به العمل الذي يؤديه الإنسان دون أجر رسمي، وجزء منه يكون جهد الإنسان كفرد وجزء عن طريق المؤسسات المختلفة وبعضها تأخذ على عاتقها مساعدة المتطوع الفرد لأداء مهمته التطوعية بتوفير السكن والإعاشة والتدريب والتجهيزات له، على سبيل المثال.. لا أدري كم جامعة ومدرسة ومؤسسة من مناطق المملكة كافة شارك شبابها في الحج؟.. وكم برنامج تدريبي لتحضير المتطوعين للمهمة؟.
في الحج أفراد يقومون بمهام عظيمة في تنظيم السير ومساعدة الحجيج وتوجيه الحشود وغير ذلك، كجزء من مهامهم الوظيفية، وكثير منها أعمال يستطيع شبابنا المتطوعين المساهمة فيها. نحتاج تحفيز برامج التطوع بشكل أكبر، عن طريق الجهات ذات العلاقة والخبرة.. مثلاً؛ ما الذي يمنع تنظيم وزارة الداخلية معسكراً لطلاب الجامعات لتستفيد منهم في أعمال الحج؟.. ما الذي يمنع وزارة الصحة من تنظيم دورة لطلاب الكليات الصحية لتستفيد منهم في الحج مقابل تخفيض بعض قواها العاملة؟.. ما الذي يمنع وجود جمعية لمتطوعي الحج، تحفز وتنظم وتنمي العمل التطوعي في المشاعر على مدار العام؟.
أخيراً؛ أتمنى أن أرى عشرة في المائة من العاملين في مواسم الحج من المتطوعين، على أن تزيد النسبة بشكل سنوي.