مها محمد الشريف
لقد أخذ العالم حذره من تقلبات أدوات السياسة التجارية، وآثارها الاقتصادية في الساحة الدولية، وتحديد الرسم الجمركي.. ويعمل جاهدًا على مواجهة العجز، وتحويله إلى قوى أخرى، تتعامل معه بعقل وسيطرة.. ويمضي لصنع طرق جديدة، تحافظ على الاتفاقيات التجارية، والنسب المالية المفروضة عليها. ولكن في حقيقة الأمر هناك حرب تجارية عملاقة تدور بين دولتين، هما الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ترسل إشارات تبعث على القلق والتوتر.
هوت على إثر إعلانها أسعار النفط بأكثر من 7 في المئة إلى أدنى مستوياتها في نحو 7 أسابيع بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيفرض رسومًا جمركية إضافية بنسبة 10 في المئة على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار بدءًا من أول سبتمبر.
في حين أبرمت معاهدات وقرارات، ولكن على ما يبدو لم يكن في الحسبان تقلب العقل البشري وأهدافه، واستخدامه وسائل أخرى غير الأسلحة الفتاكة في الحصول على ما يريد. ومع أول يوم لإعلان تغريدة الرئيس الأمريكي حربه التجارية على الصين حدث هبوط لأسعار النفط في 6 أيام بعدما أحبط مجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الأمريكي آمال البدء في سلسلة من تخفيضات الفائدة.
من جانب آخر، كل هذا يمكن أن يخضع لتسوية تهدف إلى إمكانية لا تتعارض مع مصالح البلدين والعالم، وتشغيل الوعي الاقتصادي لإجراء مباحثات مفيدة لإنهاء الحرب التجارية التي شنها ترامب قبل أكثر من عام لإجبار الصين على التفاوض؛ لذا فإن التعبير السلبي عن الرغبة الجشعة في الأرباح يجبر على التملص وعدم الوفاء بالعهود والمواثيق.
من هنا انخفضت قيمة الدبلوماسية والعلاقات الدولية، واتهمت الصين الولايات المتحدة بالغطرسة والأنانية بعد تكثيف الضغوط التجارية على بكين، وسعي ترامب لزيادة الضغط على منظمة التجارة العالمية للتوقف عن السماح لبعض الدول بمعاملات أكثر تساهلاً باعتبارها اقتصادات نامية؛ وهو ما يجعل بكين تفسر ذلك بمعنى الجشع الأعمى الذي اتجه نحو الاستغلال غير المقيد في سباق بالغ التكلفة.
بعد أن وضعت الصين قائمة سوداء للأفراد والشركات الأجنبية «غير الموثوق بها» في تصعيد جديد في حربها التجارية مع الولايات المتحدة، وردة فعل لكل الأفعال والأشكال المعرضة للحظر والجمارك، لا شك أن هذه العملية شديدة التعقيد؛ لأن هناك شركات أمريكية كبرى تستخدم الأيدي العاملة الصينية، مثل أبل المهددة أيضًا من ترامب.
ومن الواضح أن الأساس في هذا السجال شكل من أشكال المناورات التي يعمل عليها ترامب بخفض العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وفتح الأسواق الصينية أمام البضائع الأمريكية، وتقليص الاستفادة بشكل غير شرعي من التكنولوجيات الأمريكية، ودفع ثمن سرقة الملكية الفكرية.
فهل تعتبر هذه هي الاستراتيجية المعاصرة في حل الصراع وتحديد مسار العلاقات السياسية الدولية بين أكبر اقتصادين في العالم؟