فهد عبدالله الغانم السبيعي
يقول جلت قدرته {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}.. إن الموت حق وهذه سنة الله في خلقه هي نهاية حتمية لابد منها طال العمر وإن قصر.
بعبارة مؤثرة نعى الديوان الملكي (صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن عبدالعزيز الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى). فكان الخبر مفجع والمصاب جلل وتصدر هاشتاق #وفاة - الأمير - بندر - بن عبدالعزيز». تريندات المملكة على تويتر لما يحمله الشعب من محبة وتقدير لهذا الرجل المؤمن الصالح صاحب الأيادي البيضاء.
إنها ساعات الرحيل الأولى التي لا تنسى بسهولة لوقعها على عائلته ومحبيه وأصدقائه والشعب السعودي كافة. لذا سارع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -متعه الله بالصحة والعافية- وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى التخفيف من وطأة الحزن الشديد. وكان الأشد تأثراً صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أبنه البكر الذي بكى بحرقه بعد أن ووري والده الثرى وكان يدعو له بحرارة عند قبره مردداً «اللهم أرحم عبدك بندر بن عبدالعزيز».
هي لحظات وداع مؤثرة يعجز اللسان عن الحديث فيها فذرفت الدموع وكان الصمت يطبق على المكان والنظرات شاحبة وتنظر بحدة إلى المكان الذي سوف يوضع به بندر بن عبدالعزيز والد الجميع وكبير آل سعود. إنه القبر الذي نسأل الله جلت قدرته أن يجعله روضة من رياض الجنة.
لقد وثق أحد المغردين مقطع فيديو للحزن والتأثر الواضح لسمو ولي العهد وهو ينظر باتجاه قبر عمه فكانت الصور تغني عن الكلام ولن تغيب عن الأذهان وتبين حجم ومكانة بندر بن عبدالعزيز لدى سموه الكريم.
بندر بن عبدالعزيز كان يعيش البساطة بدون تكلف.. سكنت الطهارة قلبه فنال بها راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة.. كان ثرياً بأخلاقه وغنياً بقناعاته وكبيراً بتواضعه فرفعه الله، أباً مثالياً ومجلسه لا يمل وقريب من البسطاء من عامة الناس
قال تعالى: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}.. ترجل التقيّ بندر بن عبدالعزيز قاصداً جوار ربه وعاش ناسكاً متعبداً وتقرب لله بالبر والطاعة.. هذا هو زاده وهناك معاده بعد أن ترك دنياه التي لم ينظر إليها يوماً بأنها أكبر همه ولا مبلغ علمه. والمؤمن لا يزاد في عمره إلا كان خيرًا له. إنها 96 عاماً حافلة قضاها الابن العاشر للمؤسس في خدمة دينه ومليكه ووطنه من زيارات رسمية رافق فيها والده أبرزها إلى مصر العربية ومع إخوته الملوك وأعمال خيرية وإنسانية لا زالت حاضرة.
تقول حكمة: «لم نخلق للبقاء فأصنع لروحك أثراً طيباً يبقى من بعدك».. لذا يرحل الأتقياء والصالحون من هذه الدنيا ويتركوا سمات عظيمة ظلت ترافقهم أينما حلوا أو ارتحلوا فقد أثروا بمحيطهم بصفاتهم الجليلة من حب للخير والإحسان ومكارم للأخلاق، إنها الإنسانية الصادقة التي حملت الاسم القدوة بندر بن عبدالعزيز آل سعود الذي أهدى للوطن أبناءً بررة ورجالاً يفخر بهم منهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن بندر بن عبدالعزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين؛ ومن ثم صاحب السمو الملكي الأمير الشاب عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني.
إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه على قدر دينه ويحيطه برعايته ويمحصه ويرفع درجاته. لقد عاش بندر بن عبدالعزيز في السنوات الأخيرة لما قبل وفاته الألم وتجرع مرارته ولكنه بصلابة دينه وقوة إيمانه رضي بقدرة الله، وصبر على هذا الابتلاء، فكان مسلكه المؤمن القوي المحتسب للأجر والمثوبة.
أتقدم بخالص التعازي وصادق المواساة لسيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده ولأبناء الفقيد وبناته كافة وللعائلة المالكة الكريمة. ونسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة وأن يجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين بمنّه وكرمه.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.