هي حكاية مختصرة، من «الفكرة» إلى المفكر.. من الكتاب إلى كاتبه، إذ تعود هذه الحكاية إلى ست سنوات، عندما أسندت إلى كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لعدة فصول تدريس بعض المقررات محاضرا (متعاونا)، التي أدين لها ولأعضاء تدريسها بوافر الشكر على ما قدموه لي من فكر الإعلام، واتجاهات ممارساته، ونظرياته، ومناهج بحثية ومعرفية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، فلهم الشكر لأنهم - أيضا - من أخذ بيدي إلى مصافحة قلم الشبيلي، وفكره الإعلامي، وممارسته المهنية، وإدارته الفذة، وإسهاماته الخالدة.
وكالعادة يتم اقتراح مراجع لكل مقرر يتم إسناده، وعندما أسند إلي مقرر «الإعلام السعودي»، وهو مقرر وصفي لتاريخ الإعلام السعودي منذ عهد الملك المؤسس وصولا إلى إنشاء الهيئة الإعلامية، في الصحافة، والإذاعة، والتلفزيون، حينها كانت البضاعة مزجاة، والصواع مفقودا، إذ المسألة ليست عرضا تلك المراجع، أو الحديث عنها والإحالة إليها بهذه الطريقة أوتلك، فالتحدي الأول، كان الإلمام بكل ما كتب عن إعلامنا السعودي بمختلف وسائله، تأسيا، ونشأة، وتطورا، ثم عرضها كلمة وصورة وصوتا، بما يعكس شخصيتي في القيام بواجبات أهداف المقرر، لمن سيواصلون الركض في مضمار الصحافة، ومعترك ميادينها.
قادني الركض بين العناوين والمكتبات، لاقتناء كل ما كتب عن الإعلام السعودي، إلى كتاب: «الملك عبد العزيز والإعلام: دراسة توثيقية لبدايات وسائل الإعلام والاتصال»، الذي أصدره عام 2003م، إذ كانت المهمة أن تكون قراءاتي موجهة بما يخدم محاور المقرر، ويحيل إلى مرجعياتها العلمية، خاصة في مرحلة التأسيس في عهد الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - فكان الكتاب الذي لم أستطع أن أتجاوزه إلا بعد أن قرأته كاملا، لما وجدته فيه من جمال العرض، و تسلسل الفكرة، وحسن التقسيم، وتوظيف الصورة، وعمق الفكرة، وموثوقية الكلمة، لأنتقل بعد هذا الكتاب إلى قراءة كتب الشبيلي: نحو إعلام أفضل؛ وكتاب: الإعلام في المملكة العربية العربية السعودية: دراسة توثيقية؛ وكتاب: صفحات وثائقية من تاريخ الإعلام في الجزيرة العربية.
جمعني بالفقيد موقفان هما النبل في ذاته، إلا أنني سأظل في إطار فكرتي، الممتدة إلى «مشيناها: حكايات ذات..»، التي لم تكن فنا روائيا، تعالقت فيه السيرة بالرواية التي نفاها الراوي عن نفسه تواضعا، التي أؤكد أنها من أنفس السير التي تعد على أصابع اليدين.. بل كانت أشبه بفيلم سينمائي، لبطولة لم تعرف الفراغ، ولعطاء ظل متدفقا على عتبات الرحيل، وشرفات الوداع.. مما لا يمكن الإلمام باستحضاره.. ولا اختصاره!.
** **
- محمد المرزوقي