هالة الناصر
لم تترك الثورة العنكبوتية أخضر ولا يابسا لم تجرفه وتوثر عليه في الصميم حتى وإن بدا متماسكاً، منذ دخول الإنترنت والحضارة البشرية تتغير بشكل رهيب حتى إن أطفال اليوم يعتبرون غرباء بشكل كامل عن ماضي آبائهم، بل حتى جيل وحقبة من تطور الإنترنت تفصل جيل عن الجيل الذي سبقه وفي رأيي المتواضع بأن الثورة العنكبوتية ستقصر عدد السنوات التي تفصل الأجيال بين بعضهم، الأسواق التقليدية الكبرى بدأت تظهر التجاعيد على وجهها وتهرم بفعل اعتماد أعلب الناس على التسوق الإليكتروني لتفشل جميع محاولاتهم بالحد من تمدد الغول «إمازون» وإخوانه الذين يتفننون في خدمة المتسوق وهو في بيته وبسعر أقل وأكبر المستثمرين في مجال الأسواق الكبرى مكتوفي الأيدي غير قادرين على شيء ينتظرون حكم القدر بهم كون السيل الجارف للشبكة العنكبوتية لا يصد ولا يرد،كل تجارة ضربت في الصميم حتى وصل التأثير لمزاحمة عجائز الخطابات في رزقهن عبر مواقع إليكترونية تقوم مقامها وربما بشكل أفضل.. صناعة السينما هي التي لم يكن يتوقع أكثر المتشائمين أن يصلها سيل الشبكة العنكبوتية كونها تجارة عريقة لها صناعها ولها جمهورها، ولكن الأيام دول ولا أحد يستطيع أن يتعبر نفسه بمنأى عن التمدد العنكبوتي الغاشم، واجهت السينما أول المخاطر الذي تكثل في تسريب الأفلام قبل بثها عبر صالات السينما، لكن هذا الخطر لم يكن مدمراً بحجم الخطر الذي أحدثه الموقع الشهير لبث الأفلام والمسلسلات، زادت الخطورة عندما قرر هذا الموقع الدخول في مجال الإنتاج الفني ليخرج العديد من المسلسلات والأفلام الحصرية لصالحه، بمعنى أنها لا تبث عبر صالات السينما بل تظل حكراً على المشتركين بهذه المنصة، الأدهى والأمر بأن هذا الموقع ساهم في جرف محبي الأفلام السينمائية إلى متابعة المسلسلات التلفزيونية التي قد يستمر عرضها عدة مواسم،كانت هناك بوادر تشير إلى أن المستقبل للمسلسلات ضد الأفلام بعد نجاح عدة مسلسلات على استقطاب ما يفوق عدده جميع ما شاهدته البشرية من أفلام هوليودية خلال سنة واحدة، علينا أن نعترف بأن صناعة السينما في طريقها للتلاشى لاسيما بوجود موقع إليكتروني يمنح إمكانية مشاهدة عدة حلقات من المسلسل في جلسة واحدة مما يشبع لدى المشاهد نهم مشاهدة نهاية القصة، على كل من يستثمر في السينما عليه أن يراجع أوراقه كوننا أصبحنا في زمن يحمل فيه كل شخص جهاز «السينما» الخاص به في جيبه ولم ولن يعد بحاجللذهاب للسينما إلا إن كان مشتاقاً لتذوق «الفشار»!.