سهوب بغدادي
في حديث عن أبي ذر رضي اللّه عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال بينما رجلٌ يمشي بطريق اشتدَّ عليه العطشُ. فوجد بئراً فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلبٌ يلهَثُ، يأكل الثََّرَى من العطش. فقال الرجل: «لقد بَلَغَ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان قد بلغ مني». فنزل البئرَ، فملأ خفَّه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقِي فسقى الكلب. فشكر الله له، فغفر له. قالوا: «يا رسول اللّه، وإن لنا في البهائم أجرا؟». فقال في كل كبِد رطبة أجر». فيما يتضح لنا من الحديث أن مفهوم الرفق بالحيوان أمر عظيم ومتفق عليه منذ القدم، فالإسلام دين الرحمة والسلام ولذلك نسعى إلى توعية المجتمع بهذا المفهوم وما يترتب عليه تباعاً، وفي هذا الصدد تعنى الجهات المنوطة بهذه المهمة إضافة إلى مراقبة ومتابعة أداء الأطراف المعنية كوزارتي الصحة والبيئة والجمعيات وما إلى ذلك وفيما يلي ألخص معنى الرفق بالحيوان وهو حصول الحيوانات على مستوى عالٍ من الرعاية، والصحة، والتغذية، ووقايتها من الأمراض وتوفير العلاج لها في حالة المرض، والأهم من ذلك توفير الملاجئ المجهزة بكل ما سبق.
فمن خلال تطوّعي في مجال إنقاذ الحيوانات المشرَّدة في الرياض من خلال مبادرة اوبن باوز لاحظت قلة الوعي بأهمية الحيوان -كروح- فأغلب المحال التجارية تبيع هذه الحيوانات بأسعار جشعة ويقوم الطفل أو الشخص بشرائها واللعب بها شهراً أو شهرين أو إلى أن يسأم منها ومن ثم يرميها في الشارع لتلقى مصيرها المحتوم، كما وجدت العديد من العوائل تقوم بالتخلي عن الحيوان بمجرد مرضه أو إصابته بعرض عابر، أيعقل هذا الأمر؟
ومن الجدير بالذكر أن عدد الملاجئ في الرياض لعام 2018 هو (2) هما مبادرة اوبن باوز ورياض شلترز، فيما أصبح عدد الملاجئ هذا العام واحداً فقط إثر إغلاق مبادرة اوبن باوز. إننا بحاجة إلى مثل هذه المبادرات، بل بحاجة إلى تبني وزارة البيئة لها وإحلال برامج عالمية المستوى من حيث الرقابة على محلات بيع الحيوانات التي لا تراعي صحة وتغذية الحيوان، وأكثر من ذلك مثل سوق الحمام كمثال حي، فَلَو ذهبت إلى ذلك الجحيم لوجدت الحيوانات المريضة -حيَّة- داخل حاويات النفايات فالبائع يتخلّص منها دون الالتفات إلى فداحة هذا الفعل الذي قد ينجم عنه تفشي الأوبئة والعدوى، كما يجب التشديد على برامج الإخصاء والإطلاق للحد من الأعداد المهولة من الحيوانات السائبة ومع توفير ملجأ واحد على الأقل في كل مدينة سيقل عدد الحيوانات السائبة والتائهة عن أسرها. وبالإمكان استقطاب الأطباء البيطريين السعوديين للعمل في هذه الملاجئ وتدريب المتطوّعين في هذا المجال. يطول الحديث في هذا المجال فأمام الجمعيات تحد كبير لإرساء ملامح أنظمة الرفق بالحيوان.