الرياض - «الجزيرة»:
كل مسلم يسعى إلى أداء فريضة الحج مرة -على الأقل- خلال حياته، ولكن بسبب الازدحام الكبير في الحج والمشقة الناتجة عن السفر والقيام بأركان وواجبات الحج، وبسبب كبر عمر الحجاج عادة، خصوصاً أن بعض البلدان تشترط أن يتجاوز عمر الحاج الخمسين أو الستين سنة وما يصاحب هذه الأعمار عادة من أمراض مزمنة كالضغط والسكر وأمراض القلب والأوعية.
دكتور حسام البين اختصاصي أمراض الباطنية بمستشفى الحمادي بالرياض يقدم بعض النصائح الطبية التي يجب أن يتخذها الحاج قبل أدائه فريضة الحج وأثناء وبعد تأديته للفريضة وذلك وفق النقاط التالية:
قبل الحج: يجب على المسلم العازم على القيام بفريضة الحج أن يجري فحص الزمرة الدموية ويأخذ لقاح الإنفلونزا والحمى الشوكية، بالإضافة إلى لقاح الرئويات لمرضى فقر الدم المنجلي، ومستأصلي الطحال، ومرضى الربو، بالإضافة إلى لقاحات أخرى تفرضها بعض البلدان التي تنتشر فيها أوبئة معينة؛ كأن يعطى الحاج التطعيم ضد الكوليرا ولقاح الحمى الصفراء وجدري الماء (العنكز).
ويجب على المريض مراجعة طبيبه قبل الحج بفترة للتأكد من استقرار حالته الصحية أو تعديل بعض العلاجات التي يأخذها للتأكد من ضبط السكر أو الضغط أو الأمراض المزمنة الأخرى لديه، وكذلك أخذ النصيحة اللازمة من طبيبه الخاص حول إمكانية ذهابه للحج وتصرفه أثناء الحج وبعده، ولا بد للمريض من أخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب مضاعفات المرض الموجود لديه أثناء الحج والالتزام بالأدوية، ونذكر هنا بعض الأمراض المزمنة والشائعة والاحتياطات اللازمة:
مريض السكر: يجب على المريض التأكد من أخذ كمية كافية من العلاج قبل السفر، خصوصاً الأنسولين، مع التأكد من حفظه في مكان بارد بعيداً عن التعرض المباشر لأشعة الشمس والحرارة، كذلك أخذ جهاز فحص السكر والأشرطة التابعة له لفحص السكر عند الشعور بأعراض ارتفاعه أو انخفاضه.
كما يجب على مريض السكري ألا يتعرض للتجفاف بسبب التعب والتعرض للشمس، لذلك عليه اصطحاب الماء معه بشكل دائم، وأن يخفف من مشقة الحج باستخدام وسائط النقل بين المشاعر لأن المشي الطويل قد يزيد من تجفاف المريض وتعبه ويؤدي لاضطراب مستوى السكر لديه وحدوث مضاعفات.
كذلك على مريض السكري أن يحمل بطاقة تعلق برقبته أو يده تسمى ببطاقة تعريف السكر، وذلك لتسهيل تقديم الخدمات الإسعافية الضرورية والمناسبة له في حالة فقدان الوعي -لا قدر الله-.
وعلى مريض السكري أن يراعي استخدام الغذاء المناسب قدر الإمكان أثناء الحج ويفضل أن يكون غنياً بالألياف والسوائل الكافية، وعلى مريض السكري أن يخفف من جرعة الأنسولين أو العقاقير الخافضة للسكر للنصف قبل القيام بالمناسك التي تتطلب جهداً بدنياً مضاعفاً كالطواف والسعي والرجم، لتجنب انخفاض السكر لديه، ودخوله بغيبوبة نقص السكر وعلى العكس من ذلك يجب زيادة جرعة الأنسولين أو العقاقير الخافضة للسكر إذا تعرض الحاج خلال حجه للإصابة بالإنفلونزا أو التهابات في الشعب الهوائية والرئتين، حيث يزداد مستوى السكر لدى المريض خلال فترة الإصابة.
مريض ارتفاع ضغط الدم: على المريض أخذ علاجات الضغط بشكل منتظم، والتقليل من ملح الطعام أثناء الأكل وشرب كمية كافية من السوائل والتأكد من ضبط الضغط الدموي لديه قبل الذهاب للحج، وأن يراجع طبيب الحملة إذا شعر بالصداع أو الدوخة أو طنين في الأذنين أو اضطراب في الرؤية لديه لكي يقيس له مستوى الضغط، ويجري تعديل على الجرعات الدوائية.
مرضى الروماتيزم: المرضى الذين لديهم حالة بسيطة أو متوسطة، لا مانع من القيام بالحج، ولكن مع مراعاة أن تكون هذه الحالات تحت السيطرة، وألا يكون المرض في حالة نشاط، لأن كثرة المجهود الجسدي أثناء الحج يزيد من نشاط المرض، لذلك يجب على الحاج أخذ أكبر قسط من الراحة والنوم لساعات كافية؛ بحدود 8 ساعات يومياً، والحرص على تناول الأدوية بانتظام، وعدم التحامل على الألم عند حدوثه، واستخدام العربات المتحركة إذا استدعت الضرورة، وفي حال حدوث الألم رغم استخدام الجرعات المعتادة من الأدوية فلا بأس من زيادة جرعة الأدوية المسكنة، ولكن ضمن الجرعات العلاجية المسموحة، مع استخدام بعض المراهم الموضعية، ومراجعة طبيب الحملة أو المراكز الصحية في حال تفاقم الآلام أو حدوث مضاعفات.
مرضى الفشل الكلوي: هم أكثر عرضة من غيرهم للإرهاق والتقلص العضلي والتعرض للالتهابات البكتيرية، لذلك فإن مرضى الفشل الكلوي الحاد والنهائي ممنوعون من الحج وأما مريض زراعة الكلية، فلا يحج إلا بعد سنة من العملية إذا كانت حالته مستقرة وبالنسبة لمريض الفشل الكلوي البسيط أو المتوسط فعليه مراجعة طبيبه واستشارته في موضوع القيام بالحج وتصحيح فقر الدم ولو بشكل جزئي، وأخذ التطعيمات اللازمة قبل الذهاب للحج، والتأكد من أخذ الأدوية في أثناء الحج، والتأكد من تناوله الأطعمة الصحية البعيدة عن التلوث وعدم الاختلاط في الزحام إلا في الحالات القصوى وعدم التعرض للإجهاد البدني الزائد غير الضروري (مثل إصراره على المشي بدل ركب الحافلات أثناء التنقل بين المشاعر أو استخدام الكراسي المتحركة)، كما عليه عدم التعرض لأشعة الشمس مباشرة وأخذ كمية كافية من السوائل، وعلى المريض أن يحمل ما يثبت أنه مصاب بالفشل الكلوي كأن يضع إسوارة في يده تشير إلى ذلك.
بالنسبة للحوامل: عادة ننصح الحوامل بعدم الذهاب إلى الحج أثناء الحمل حفاظاً على صحتها أولاً، وصحة جنينها ثانياً، أما إذا اضطرتها الظروف للذهاب للحج فقد يسمح لها في فترة منتصف الحمل أي بعد الشهور الثلاثة الأولى، وقبل الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل، وإذا ذهبت الحامل إلى الحج فيجب عليها ارتداء ملابس فضفاضة، وأخذ الأدوية التي كانت تتناولها سواء كانت حبوب الحديد والفيتامينات والكالسيوم أو أي علاج لأمراض أخرى كان موصوفاً لها من قبل كما يجب الإكثار من شرب السوائل والإقلال من المجهود البدني الزائد ما أمكن ذلك.
مرضى القلب والشرايين: يجب عليه مراجعة طبيبه الخاص قبل الذهاب للحج، وطلب إذنه بذلك، وأخذ النصائح العامة منه ويجب عليه في حال السماح بالحج وضع إسوارة على يده تبين اسمه وتشخيص مرضه، وكذلك يجب عليه حمل الأدوية الموصوفة معه للحج وحفظها في مكان مناسب سهل الوصول إليه وعدم بذل أي مجهود بدني فوق الاحتمال، وتأدية المناسك التي تحتاج إلى مجهود بدني في الليل والطواف والسعي محمولاً أو على عربة، وتوكيل من ينوب عنه في رمي الجمرات في حال شعر بعدم قدرته على ذلك، ويجب عليه التوقف عن أي نشاط عند الإحساس ببوادر التعب أو الإجهاد، ومراجعة أقرب مركز صحي عند عدم حصول تحسن بعد أخذ العلاج والراحة وحبوب النتر وغليسيرين تحت اللسان ويجب عليه تجنب فقدان السوائل وعدم التعرض للشمس.
مرضى الربو: قد يتعرض مريض الربو لتدهور في صحته أثناء تأدية مناسك الحج بسبب الازدحام وكثرة الغبار في بعض الأماكن كذلك كثرة تلوث الهواء بعادم السيارات أثناء النفرة من عرفات أو من منى، وكذلك عرضتهم للانفعالات النفسية نظراً للازدحام والضيق في السيارات أو السكن لذلك يجب عليه مراجعة الطبيب للتأكد من استقرار حالته قبل السفر، ووضع إسوارة على معصمه يوضح اسمه وعمره، وتشخيص المرض، ونوع العلاج الذي يستعمله، كذلك يجب عليه اصطحاب الأدوية الإسعافية اللازمة مثل بخاخ الفنتولين، وحمله معه دائماً، والانتظام في تناول العلاجات الأخرى الموصوفة له، والحرص على تجنب الأماكن المزدحمة وعديمة التهوية قدر الإمكان، ومراجعة أقرب مركز صحي عند حدوث أول بوادر للأزمة الربوية الحادة وعدم تحسنها بعد استعمال بخاخ الفنتولين بمقدار بختين أو ثلاث خلال ربع ساعة.
من ناحية النصائح العامة للحجاج بشكل عام، وإن كان ليس لديه أمراض مزمنة: يجب على الحاج أخذ التطعيمات اللازمة (حمى شوكية، إنفلونزا) قبل الذهاب للحج، وكذلك أخذ بعض المسكنات الخفيفة كالبندول، وأن يكون مسجلاً بحملة للحج، والأفضل أن تكون الحملة مصطحبة لطبيب معها لفحص الحجاج وإعطائهم العلاج أن حدث لهم أي مشكلة صحية، ويجب على الحجاج جميعاً شرب كمية كافية من السوائل وتناول الطعام الصحي غير الملوث، بالإضافة لغسل اليدين قبل إعداد الطعام وبعد الأكل، وتخزين الطعام بدرجة حرارة مناسبة وتغطية الطعام وعدم تعرضه للذباب والغبار وتجنب أوقات الازدحام الشديد إن أمكن ذلك، ووضع قناع الأنف والفم في أماكن الازدحام كذلك يجب على الحاج التخلص من الفضلات الآدمية كالبراز والبول بالشكل الصحيح (في الحمامات أو الأماكن المخصصة لذلك) والتنظيف الجيد للأعضاء التناسلية بعد الذهاب للحمام وغسل اليدين جيداً بعد ذلك، كذلك هناك نصائح عامة للحجاج بعدم الجلوس مباشرة تحت أشعة الشمس لفترة طويلة لتجنب ضربات الشمس، ويجب عدم التنقل من الأماكن الباردة (الجلوس جانب المكيف) إلى الأماكن الحارة أو بالعكس، وكذلك تجنب التدخين والبخور في أثناء الحج كي لا يصاب الحاج أو مرافقوه ببحة في الصوت أو ضيق في التنفس، كذلك تجنب الصياح ورفع الصوت، لأن ذلك يسبب ضرراً في الحبال الصوتية ونحن بغنى عن ذلك، بعد إتمام الحاج لمناسك الحج ورجوعه لبلده ننصحه بمراجعة طبيبه الخاص إذا لاحظ وجود عدم استقرار في حالته الصحية أو أنه أصيب بأي مضاعفات أثناء أو بعد الحج مثل الالتهاب الحاد في الشعب الهوائية والرئتين.
جعل الله حجكم مبروراً وسعيكم مشكوراً وغفر لكم ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر.