محمد بن عبدالله آل شملان
ليلة البارحة كان يوماً قاسياً، والدموع تلمع في العيون، وصوت النحيب يتحشرج في الحلوق، وتلك النفوس الواجفة بفعل صدمة الخبر الحزين.
***
ليلة البارحة كان يوماً «عابساً» لطرقات هذه المدن الباكية مكة المكرمة - المدينة المنورة - الرياض - جدة، التي ارتبط بها وارتبطت به، عاشها وعاشته، لقد أضناها الأسى ففقدت رواشينها فرحها، فأصبحت مسكونة بالحزن، تصفر في خصائصها رياح السموم، فتعطيها مزيداً من الأنين.
***
ليلة البارحة أطفأت كل الشوارع قناديلها التي كانت تضيء طرقاتها، واصفرت تلك «المشاتل» المليئة بالورود والزهور، وضمر تفتّح أكمامها، فخبت أريجها، وغاب عنها عطرها، فأصبحت النفوس التي جبلت على محبته تشكو الغياب.
***
يوم أمس، فقد ذلك المكان الطاهر في بيت الله الحرام المكان الذي يتعبد فيه، الذي سيغيب عنه الرجل البعيد عن هموم الدنيا وملذات الحياة.
***
يوم أمس، فقدت تلك المرأة العجوز التي كان يتفقدها من يسأل عنها، وذلك الطفل «المعاق» الذي غاب عنه راعيه والمهتم به لم تجف الدمعة من عينيه.
***
يوم أمس كان يوماً فاجعاً ومفجوعاً، وهو يودع تلك القامة الشامخة التي خطت خطواتها بكل حب واعتزاز، لأقول ويكأن الموت هذا هو الحقيقة الواحدة، التي يقف أمامها الإنسان مستسلماً مسلماً لقضاء الله جل جلاله.
فكل نفس ذائقة الموت، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. فرحم الله صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته.
وسبحان الحي الذي لا يموت.