أ.د.عثمان بن صالح العامر
رحم الله (أمير الفضائل) صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن عبدالعزيز آل سعود وأسكنه فسيح جناته، وجعل قبره روضة من رياضه، وأعاننا جميعاً على ما أعانه عليه وما بعده، ولا يسعني في هذا المقام - ونحن نودع رمزاً من رموز الخير والبذل والعطاء، وعنواناً من عناوين دماثة الخلق، ورقي التعامل، وحسن التجاوز، واحترام الكل، والتواضع لله مع خلقه، والخشية منه، والخوف والوجل من عقابه، -إلا أن أرفع خالص العزاء وعميق المواساة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين، ولأصحاب السمو الملكي الأمراء إخوة وأبناء وأقارب الفقيد.
الموت الحقيقة المطلقة، سيذوق طعمه الكل (كل نفس ذائقة الموت)، والدفن الشريعة الوحيدة التي لم تنسخ أو تتغير وتتبدل في جميع الشرائع السماوية ولدى جميع الرسل والأنبياء منذ قصة الغرابين زمن آدم عليه السلام -التي حكاها الله عز وجل لنا في كتابه الكريم- وإلى أن تقوم الساعة، والاختلاف بين السلفية وغيرها من الملل والنحل والمذاهب والتيارات الفلسفية والفكرية القديم منها والحديث أن جسد الميت -عند السلف- إذا فارقته الروح سن الاستعجال بغسله ومن ثم الصلاة عليه ودفنه دون بهرجة وضجيج، وبلا حرق أو تمزيق، مع بقاء حقه على أخيه المسلم (أن يتبع جنازته ويشارك في تشييعه ودفنه) ويكون حينها في مقام ذل وخضوع وخشوع استشعاراً لعظم الموقف وهول الحال، وتذكراً ليوم الرحيل من هذه الدنيا إلى عالم البرزخ حيث السؤال والحساب، والجزاء من جنس العمل، وهذا ما كان من أصحاب السمو الملكي الأمراء إبان الوقوف على قبر بندر بن عبدالعزيز، يلحظ هذا كل من وقف متأملاً في حال صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين لحظة الدفن، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز الابن الأكبر لأمير الفضائل رحمه الله، إذ إنه قام على حافة قبره رحمه الله وراح يدعو له -مستناً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقوف على رأس الميت والدعاء له بعد دفنه- بدعاء صحيح مأثور، ليس فيه تعظيم أو تبجيل أو توسل إلا لله وبالله، بل حتى الألقاب الدنيوية المعروفة نزعها عنه، وبقي فقط (عبدك بندر)، باسمه الذي سيقف به أمام الله عز وجل، لا وجود لمواكب، ولَم تنصب القباب والمظلات، قبر كسائر القبور لم يميز عن غيره بشيء، لم يرفع، ولَم توضع عليه المباني ولَم ... كما هو الحال في بعض بلدان عالمنا الإسلامي ومزارات الذوات أصحاب الجاه والحضور -كما هو معروف- وهذه والله نعمة جلّى، ومنة عظيمة، واجبنا شكر الله عليها، ثم شكر من زرع في نفوسنا قادة وشعباً أهمية تعظيم السنة والمحافظة على المنهج السلفي الوسطي الصحيح. هذا هو المنهج القويم الذي ضل عنه البعض في هذا الباب الخطير والدقيق من أبواب العقيدة الذي قد يوقع صاحبه في الشرك والعياذ بالله، ولذا استحق التوقف عنده والحديث عنه في هذا المقال حفظاً وحماية واهتماماً وعناية بجناب التوحيد، حفظ الله لنا عقيدتنا، وحرس وأدام ولاة أمرنا، وجزى الله علماءنا كل خير، ورحم الله عبده (بندر بن عبدالعزيز) وأسكنه فسيح جناته و{إِنَّا لِلّهِ وَِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} وإلى لقاء والسلام.