د. محمد بن إبراهيم الملحم
الحقيقة إن الحديث عن هذا الموضوع ذو شجون لكني سأقتصر على أبرز الدول، ففي بريطانيا مثلا فإن مؤسسة «أوفستد» OFSTED الحكومية وهي بمستوى وزارة توازي وزارة التعليم ولكنها مستقلة عنها تمامًا تقوم بعمل تفتيش دوري على المدارس حيث تمضي في المدرسة عددًا كافيًا من الأيام المتواصلة تراقب وتسجل وتفحص الوثائق وتختبر الطلاب وتقابل المعلمين وأولياء الأمور ثم تخرج في النهاية بتقرير شامل عن المدرسة ويمكنكم عبر الرابط التالي الاطلاع على عينات من هذه التقارير https://reports.ofsted.gov.uk/ ويمكنك كولي أمر أن تعرف كل ما تريد عن المدرسة من خلال الاطلاع على هذا التقرير، وكذلك المعلم الذي يريد أن يعمل فيها مستقبلا وغيره من الأطراف، فوضع المدرسة معلن ومكشوف للعموم سواء كانت متميزة (وما هي جوانب تميزها بالضبط) أو لديها نقص وثغرات أو حتى ضعف عام، وأنا شخصيًا استفدت من هذه التقارير عندما أدخلت أولادي بالمدرسة هناك حيث وجهتهم إدارة التعليم المحلية إلى مدرسة لم أجدها متميزة فذهبت إلى موقع «أوفستد» وقرأت تقريرها لأجدها مليئة بالملاحظات وغير جديرة ببقاء أولادي بها فطلبت نقلهم إلى مدرسة أخرى بعد أن فحصت تقارير المدارس القريبة الأخرى وكان اختياري فعلا في محله.
وبشكل مشابه في الولايات المتحدة تتوفر منظمة غير حكومية وغير ربحية اسمها «قريت سكولز» أو مدارس عظيمة GreatSchools.org تهدف إلى مساعدة الوالدين في اختيار المدارس المناسبة لأولادهم من خلال ترتيب تصدره سنويًا تضع فيه المدارس حسب نتيجة تقييم هذه المنظمة لها، كما تقدم أيضًا معلومات إحصائية وتفصيلية عن المدارس مثل مقارنة نتائج المدارس بغيرها ومدى نجاح طلابها في التعليم العالي (حسب تتبع سابق) وما هي طبيعة بيئة المدرسة الاجتماعية وما هو مستوى التدريس فيها وما إلى ذلك من الإحصاءات أو المعلومات المفيدة لاتخاذ قرار بشأن المدرسة، كما أن هناك معلومات إحصائية متاحة عن المدارس تتوفر في مواقع كل وزارة التعليم أو المركز الوطني للإحصاءات التعليمية والوالدين يستخدمونها لهذا الغرض أيضًا، وكل ذلك بشأن المدارس الحكومية (غالبًا) بينما المدارس الخاصة Private Schools أو الأهلية فإن الوالدين عادة يأخذون هذه المعلومات من المدرسة نفسها بالإضافة إلى ما هو منشور عنها. وتنظم المدارس الخاصة لقاءات تعريفية شاملة لأولياء الأمور سنويًا لحثهم على تسجيل أبنائهم فيها، والجدير بالذكر أن الوالدين لا يحتارون كثيرًا عندما تكون عندهم القدرة المالية لإدخال أبنائهم للمدارس الخاصة (الأهلية)، لأنها كلها غالبًا (إلا ما شذ عن القاعدة) متميزة تعليميًّا ومن يتاح له دخول مدرسة أهلية فتوقع له التفوق والنجاح في مستقبل حياته، هذه تكاد تكون مسلمة من المسلمات في الغرب وأستراليا وبقية الدول المتقدمة، ولكن ربما يكون بحث الوالدين عن المدرسة التي تتلاءم أنشطتها وتوجهاتها التعليمية مع طبيعة الطفل في سنواته المبكرة فعندما يلمح الوالدان أنه كان يميل إلى الألعاب الحركية ولديه مهارة واضحة في ذلك فإنهم يختارون له مدرسة أهلية اشتهرت بالعناية بهذا الجانب خاصة في الرياضة مثلا، وعندما يميل الطفل للموسيقى يلحقونه بمدرسة تهتم بالموسيقى بل هناك مدارس اسمها مدرسة الموسيقى Music School ومع أنها تدرس المنهج المعتاد لكنها تركز على الموسيقى أكثر وتنمي هوايتها، وبالمثل هناك مدارس القواعد والنحو Grammar Schools ومدارس الرياضيات والعلوم Math and Science School.
بشكل مماثل أيضًا ففي كندا هناك مواقع تقدم ترتيبًا للمدارس مثل Fraser Institute عبر الرابط https://www.fraserinstitute.org/school-performance ومؤسسة «أطفالنا» المتخصصة في المدارس الأهية عبر الرابط www.ourkids.net أما في أستراليا فإن هيئة المناهج والتقييم والتقارير الحكومية تقدم معلومات جيدة عن أداء المدارس عبر موقعها https://www.acara.edu.au/ ليتمكن الوالدان من التعرف على المدرسة المناسبة لأطفالهم من خلال هذه التقارير التي تشمل أداء الطلاب وحتى ميزانيات المدارس وكم يكون نصيب كل طالب من الإنفاق بهذه المدرسة أو تلك. لن أتحدث عن فنلندا أو سنغافورة لأن الوالدين هناك لن يحتارا كثيرًا في اختيار مدرسة لأبنائهم حينما يرتفع السقف وطنيًا وتتساوى كل المدارس تقريبًا في جودتها، لكن سأتحدث في المقالة القادمة معكم ما هي الوصايا والأفكار المفيدة لكم أنتم في اختيار مدرسة لأبنائكم هنا، «فابقوا معنا».