ماجدة السويِّح
لاحظت إحدى المعلمات تغيّر طالبة الثالث ثانوي بشكل جذري في فترة قصيرة من الزمن، فالطالبة المجتهدة ريم لم تعد تقوم بواجباتها، وأخفقت في إحراز تقدّم في اختباراتها.
كانت ريم مهتمة بدراستها وشديدة الاهتمام بمظهرها، لكن الآن فقدت الاهتمام بنفسها وبما ترتديه، وبمستقبلها. حاولت المعلمة التحدث معها لاستطلاع سبب التغيّر، لكن كانت الاستجابة ضعيفة، وتم تحويل مشكلتها إلى الأخصائية الاجتماعية، التي تعاملت مع الحالة بشكل صحيح.
ريم كانت في بداية مرضها النفسي، الذي ظهر تأثيره على سلوكها وتحصيلها الدراسي.
و بفضل اهتمام وحرض معلمتها، التي تلقت بعض التدريبات في مجال الصحة النفسية حصلت ريم على رعاية طبية مبكرة بعد تواصل المدرسة بالأهل، والحصول على توصية باللجوء إلى الطبيب النفسي، للتعامل مع مخاوفها وحالة القلق المرضي الذي تمر به.
وفقًا لـMental Health America، فقد تعرض 1.8 مليون مراهق للاكتئاب الشديد 2018، مما أدى إلى «تدخل خطير» في المدرسة وفي المنزل وفي العلاقات، كما أن العديد من المراهقين الذين يعانون من إدمان أو مشاكل اجتماعية قد يكون بسبب مرض عقلي غير مشخص.
التأثيرات على المراهق في هذه السن كبيرة، فهناك المنزل والأسرة وتفاعلاتها، وكذلك المدرسة بما فيها من معلمين وأقران، ولا ننسى الشبكات الاجتماعية والعلاقات التي تعقد من خلالها، والمخاطر التي تعترض المراهق من تنمّر، ابتزاز، إرهاب، عنف، وسلوكيات سيئة مدمرة كإدمان المخدرات والكحول، وإدمان متابعة الحسابات الإباحية.
كل هذه التأثيرات قادرة أن تزيد من معاناة المراهق في المرحلة المتوسطة والثانوية، لذا يجب على المعلمين وليس فقط الإخصائيين النفسيين والاجتماعية إدراك خطورة المرحلة، والتدرب على التعامل مع الحالات الفردية، وتوجيهها التوجيه الصحيح.
الحصول على المساعدة والرعاية الصحية المبكرة من شأنه أن يساهم في تخطي المراهق تبعات المرض النفسي في حال إهماله أو تجاهله، كما أن الحصول على المساعدة المبكرة من شأنه أن يقلِّل من وصمة العار التي ترافق المصاب بمرض نفسي.
في إحدى زياراتي لمدرسة ثانوية بأمريكا لفت انتباهي لوحات التوعية المتكررة على ممرات المدرسة الموجهة للطلاب، للتواصل مع الخط الساخن المجاني عند الشعور باليأس وبداية الأفكار الانتحارية، للتحدث مع مختص من خارج أسوار المدرسة، مع التأكيد على المحافظة على السرية والخصوصية في التعامل مع الحالة.
الأحرى نقل التجارب الإيجابية وتطبيقها، فربما يجد الطالب الراحة في التواصل مع مَن هم خارج أسوار المدرسة، للحديث عن معاناته ومشاكله النفسية، وتلقي الإرشاد ممن يملكون الخبرة والاختصاص في مجال الصحة العقلية.
رسالتي لوزير التعليم المسؤول الأول عن أبنائنا أن يسعى لإضافة برامج تدريبية إلزامية للمعلمين والإداريين في مجال الصحة العقلية والنفسية، وكيفية التعامل مع الحالات، بالإضافة إلى التعاون مع وزارة الصحة في توفير خط ساخن لاستقبال مخاوف ومشاكل المراهقين.