مها محمد الشريف
انطلاقاً من اهتمام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بالحج ومتابعتهم على مستوى كبير يفيد بأهمية ما تقدمه المملكة وقيادتها من قدر وافر من البذل والعطاء، ففي كل عام نكتب عن الحج بأنه شعيرة وليس شعارات سياسية، ولكن يتخذه البعض شكلا ووظيفة يجادل به لمآرب أخرى لا تتفق مع تعاليم الدين الحنيف دون وعي، فإن العقل يحدد المجال الذي هو نتاج له وبذلك لا يخالف النقل الصحيح، والحج ركن من أركان الإسلام الخمسة وفريضة على كل مسلم إن استطاع إليه سبيلا، لكن يأتي من يحول العلاقة الدينية بين العبد وربه إلى استعباد سياسي يخالف به الكتاب والسنة ويمنع الناس من أداء فريضة الحج.
لا شك أن في ذيل كل قائمة حشد من حكومات ومجتمعات معادية للمملكة، تسير وفق ثقافات متدرجة وثقافات عاطلة عن الحركة بتضاد مترتب عن عداء غامض ومشوش يحجب بصائرهم عن الحقيقة، وعن الدين وتعاليمه السمحة وما تقدمه المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين، ويصدرون أوامر بمنع شعوبهم من الحج. إذ لا يمكن للتفكير والمعرفة العقلانية إلا أن تنكر عليهم ذلك، ولكن في حالة الأحداث السياسية المتقلبة في إيران وقطر يحدث الكثير من المغالطات والتجاوزات والجهل.
ضمن هذا الأفق، لو اعتمدنا مقياساً لتصنيفاتهم لساهم ذلك في تقليص العواقب النفسية لديهم واختلال التوازن الديموغرافي من ناحية ومظاهر الحياة السياسية والاقتصادية من ناحية أخرى فقد اختلطت في قطر عدد من الجنسيات من عرب وعجم وترك وصبوا جام غضبهم على السعودية وجاء تسييس الحج كردة فعل للخلط العجيب في البلاد، ولكننا صائرون على الطريق مهما تعاظمت شعارات أولئك القوم، فقد أدرك العالم أن المملكة تسعى إلى خدمة الحرمين الشريفين بكل ما تملك من إمكانات هائلة وعظيمة حتى فاقت الجهود والخدمات الجليلة تصورات ومدارك خصومها وأعدائها.
ليس هناك شك في كون القياس الصحيح تجاه الواقع واضحًا وجلياً، فكل ما تسعى له وزارة الحج والأوقاف والقطاعات الأخرى من الإعدادات والجاهزية والتنظيم الإداري والميداني لخدمة الحجيج وإنجاز المهام بكل إتقان، ليكون حج هذا العام ميسرا في أجواء آمنة تتميز بالسكينة والطمأنينة، ليبقى كذلك ذكرى مميزة ورائعة وتاريخًا راسخًا في ذاكرة الحاج والمعتمر والزائر وتتحقق الأهداف المطلوبة، ويحافظ بالتالي على الصورة الجميلة لأداء مناسك الحج والعمرة وما وجد من رعاية وعناية واهتمام لينقلها إلى بلاده.
ضمن هذه الاستعدادات والبناء المتجدد كل عام. تنقل وسائل الإعلام للعالم المشهد العظيم عن ثقافة الإسلام وجهود المملكة التي تحمل على عاتقها مسؤوليات كبيرة، فهي دولة بالغة التفرد في استعداداتها وقدراتها الضخمة لاستقبال عدد ضخم من الحجاج فكان عدد حجاج العام الماضي 1439 نحو أكثر من مليونين و300 ألف حاج، منهم ما يزيد على 600 ألف حاج من حجاج الداخل، فيما بلغ عدد المعتمرين الذين أدوا العمرة العام الجاري نحو سبعة ملايين و300 ألف معتمر، وفق إحصائية وزارة الحج والعمرة، ويقدر هذا العدد الضخم في كل عام مع الزيادة أو التساوي تقريبًا. إجمالا، فإن هذا التفوق لا أحد ينكره أو يتجاهله، وما تقدمه المملكة من خدمات للحجيج ضخمة وعظيمة، ولكن يظل التساؤل الأكثر إثارة ومنطقية لماذا استمرت حكومة قطر في منع المواطنين والمقيمين من التقديم إلكترونياً لأداء فريضة الحج؟، في الوقت الذي رحبت فيه المملكة بالحجاج القطريين، على الرغم من الوضع السياسي المضطرب ودور الدوحة المتورط في تمويل الإرهاب، وما هو حكم منع الناس من الحج في الإسلام؟