عبدالوهاب الفايز
مع بدء الاهتمام في قطاع السياحة، قبل عشرين عاماً، كان المختصون القريبون من القطاع ينادون بضرورة الالتفات إلى الفرص الاستثمارية والوظيفية المتاحة في هذا القطاع، وكنا في الصحافة حينئذ ننشط عبر الندوات والمقالات والحوارات الصحفية إلى حفز الاهتمام الحكومي بقطاع السياحة، وربما منكم من يتذكر كيف كانت ردات الفعل في أواخر التسعينيات الميلادية عندما تم نشر حجم إنفاق السعوديين في الخارج الذي قدر بـ (60) مليار ريال، يومها: كان الرقم صادماً للوعي الخامل. طبعاً هذا الرقم تصاعد وربما هو الآن فوق المئة، ولكن لا يهم.. المهم هو انطلاق الحكومة الجاد إلى ترتيب وضع هذا القطاع بصورة موضوعية تأخذ في الاعتبار مصالح الناس وحيوية القطاع وضرورة دعمه وتمكينه، وهذا ما عملت عليه هيئة السياحة في السنوات الماضية، حيث أدت جهودها إلى إبراز أهمية قطاع السياحة و(ترسيخ القناعة) بقيمته المُضافة للاقتصاد. أحد الثمار الوطنية لهذا القطاع سوف نراها قريباً في توظيف السعوديين بعد قرار وزير العمل والتنمية الاجتماعية الأسبوع الماضي لتوطين عدد من الإدارات والمهن القيادية والتخصصية في قطاع الإيواء السياحي ابتداءً من تاريخ 1 - 5 - 1441هـ، والذي يشمل الفنادق المصنفة بمستوى 3 نجوم فأعلى، المنتجعات، الشقق والفلل الفندقية المصنفة بمستوى 4 نجوم فأعلى. القرار يستهدف قصر العمل على السعوديين والسعوديات بنسبة 100 % في (الحجوزات، المشتريات، التسويق، المكاتب الأمامية.
كذلك يستهدف قصر العمل على السعوديين والسعوديات بنسبة 100 % في مهن (نائب مدير فندق، مساعد مدير إدارة تقنية المعلومات، مدير إدارة ومساعد مدير إدارة المبيعات، مندوب، وإداري وممثل مبيعات، مشرف النادي الصحي، مشرف خدمات عامة في فندق، كاتب استلام بضائع، مستلم طلبات خدمة الغرف، مضيف مطعم أو مقهى، كاتب استعلامات سياحية، سكرتير تنفيذي، كاتب إداري عام، موظف إداري، منسق إدارة)، ونص القرار على تطبيق نسبة توطين بما لا يقل عن 70 % في مهنتي (مدير مبيعات ومدير مبيعات المناسبات والمؤتمرات)، وألا يقل عدد السعوديين عن موظف واحد في المهن مثل (مشرف أغذية ومشروبات، مشرف خدمة الغرف، مشرف قسم الحفلات، مشرف مغسلة)، في حال توفرها.
القرار نص على التدرج في التنفيذ، فبعد ستة شهور يبدأ توطين المهن التشغيلية والتخصصية، واعتبارًا من 1 - 11 - 1441 هـ للمشرفين ومساعدي المدراء، واعتبارًا من 1 - 5 - 1442هـ للمديرين. وهذا القرار لم يأت فجأة، بل هو تنفيذ لمذكرة التكامل التي وقعتها الوزارة مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في 13 - 4 - 1438هـ لأجل زيادة نسب التوطين في القطاع.
المؤشرات المحلية تؤكد أن قطاع السياحة سيكون من أهم القطاعات لتوليد الوظائف، وقيمته المُضافة في الاقتصاد سوف تفوق قطاع الصناعة، وسيكون العائد على المحتوي المحلي من الاستثمار في (فندق) أعلى من العائد في (مصنع)، بالذات في توليد الوظائف، وطبقاً لتقديرات هيئة السياحة (ومن المتوقع أن تبلغ فرص العمل في قطاع السياحية بالمملكة (1.7) مليون وظيفة عام 2020م، وهو يمثل إجمالي الوظائف المباشرة وغير المباشرة في سوق العمل لقطاع السياحة والقطاعات الأخرى المترابطة والمستفيدة من السياحة)، وتمثل السياحة حالياً القطاع الاقتصادي الثاني في المملكة في نسبة توطين الوظائف بنسبة تتجاوز (28 %)، وهناك تقديرات تشير إلى أن (أعداد المواطنين الذين سوف يتم توظيفهم في القطاع السياحي حتى عام 2025م بـ 317.352، مقارنة بـ94.249 في عام 2014).
توجه وزارة العمل إلى القطاعات المولدة للوظائف يعكس الجهد الحكومي المكثف لحل مشكلة البطالة المتراكمة منذ سنوات بعيدة. هذا الجهد نرجو أن يأخذ بالاعتبار ضرورة تمكين ودعم قطاع السياحة، فهو من القطاعات الجديدة التي تحتاج إلى العناية الخاصة.
القطاع هامش ربحه بسيط، وهناك استثمارات مقبلة واعدة للقطاع يفترض تشجيعها، بالذات الاستثمارات النوعية التي نحتاجها في الفنادق والمنتجعات. من الضروري مساعده القطاع عبر دعمه بتسهيلات مالية أو بقروض حسنة، وأيضاً رفع بعض الرسوم لمدة عامين، ودعم برامج التدريب في الوظائف القيادية.
المصلحة الوطنية تقول: توظيف السعوديين يتحقق إذا استمرت المنشآت الخاصة قوية ورابحة.. وتحقيق هذين الهدفين هو أيضاً مؤشر لنجاح السياسات والتشريعات الحكومية؛ القطاع الخاص الجاد مثقل بالهموم.. والرسوم!!.