عبدالعزيز السماري
يواجه بعض الشباب في هذا العصر معضلة الدخول في معركة تحقيق النجاح، ويتوهم بعضهم أن العمل أو الحصول على وظيفة أمر مسلم به بعد التخرج، ولهذا تنتشر ظاهرة بطالة بعض الخريجيين ظناً منهم أن النجاح والعمل يأتي إليهم وهم في حالة الانتظار في المنزل، وهي أزمة يعاني منها البعض، ويصعب تفسيرها نفسياًَ، لكنها جزء من ثقافة التوكل الذي خدرتها الطفرة في عقود مضت.
قال بيكاسو يوماً ما بأنه «لمعرفة ما ستقوم برسمه، يجب أن تبدأ الرسم»، ومن يريد العمل والنجاح عليه أن يدخل مجاله من أي باب يشاء، فالعمل والنجاح تراكم مستمر، وخلال سنوات من العطاء قد تبدأ رحلة النجاح والسعادة،
كل روح شابة تدرك هذا المسار، ستصل إلى درجات السعادة والنجاح، ولا توجد وسيلة أخرى لمساعدة أي روح على تحقيق هذه السعادة إلا من خلال الجهد الذاتي، وطالما ظل الإنسان مقيدًا بسلاسل التردد والخوف، لن يغادر مكانه، وسيمضي قطار العمر، وهو في حالة انتظار.
لا أحد يستطيع أياً كان أن يبني لك الجسر الذي تحتاج للعبور عليه للوصول إلى شاطئ الأمان، وقبل ذلك عليك أن تتعلم أن تعبر نهر الحياة، وقد يكون هناك عدد لا يحصى من الممرات والجسور والألغام في طريقك، لكن تزود بالإصرار والتعلم المستمر فهما وقود النجاح؛ أما الذين جاءت الحياة إليهم تسعى من خلال القوى الاجتماعية، فثق أنهم سيظلون طوال حياتهم يشعرون بدونية عن أولئك الذين حققوا النجاح من خلال عصاميتهم وإصراراهم بدون تدخل قوى خارجية..
التعليم فقط سواء كان منهجياً أو غير ذلك، سيكشف لك الدورب والتفرعات وأسرار الحياة في وقت مبكر، وستتعلم أكثر عنها من خلال المعلمين والمزارعين الحقيقين، فهم يدركون الإحساس الأصلي والمشاعر الحقيقية لدروب النجاح والوصول إلى الهدف..
التفكير من خلال التعلم المستمر والتطوير جوهرة الفهم الحقيقي لوجودك في هذه الحياة، وهو أمر يصعب الوصول إليه عند البعض، فالحياة لن تقدم إليك شيئًا، وأنت في حالة الانتظار، ولكن من خلال التعليم ستكون قادراً على فك ألغازها وأسرارها، وستأتي إليك من خلال الأبواب المشروعة، وستقدم إليك النجاح من خلال أحد أطباقها الشهية..
أيها الشاب هل لديك الشجاعة لإخراج الكنوز المخبأة في داخلك؟ ليكن هذا السؤال هو عنوانك في حياتك، فكل إنسان يكتنز قدرات خاصة على النجاح، لكن الاختلاف يكمن بين أولئك الذين يسعون جاهدين للبحث عنها في ذواتهم، وبين أولئك الذين قرروا أن يظلوا في حالة الانتظار، فكن من الذين يسعون لتحرير وجودهم من مخاوف الفشل من خلال التعلم والإصرار على النجاح..
عليك أيضاً أن تدرك أن رحلة اكتشاف الذات واحدة من أعظم الصعوبات الوجودية، ومن خلالها ستكون مهيئا لدخول معترك الحياة، واكتشاف الصراعات والنجاحات في الحياة في مختلف الاتجاهات، ولن تأتيك الفرصة إلى باب منزلك، فالمحظوظون ندرة، وتحكمها مصالح وعلاقات قد لا تكون أحد أطرافها، لذا عليك أن تبدأ أول خطواتك في الخروج إلى الحياة، وبدء البحث عن أسرار النجاح والسعادة والوجود في حياتك.