عمر إبراهيم الرشيد
هذه اللغة الإنسانية البسيطة والقديمة قدم الإنسان نفسه لها تأثيرها على الطرفين بل على المجتمع، بتأثير العدوى الإيجابية. حتى وإن اغتصبها الإنسان فسوف يتأثر بها من يتلقاها فيبادلها بابتسامة تعود على الأول إيجابياً وهكذا، ألم يصنفها النبي صلى الله عليه وسلم في مراتب الصدقة (تبسمك في وجه أخيك صدقة). وكم من خصام أو جفوة غسلتها ابتسامة، وحاجز جليدي بين نفسين أذابته ابتسامة دافئة.
هناك قصة حدثت لأحد العاملين في مصنع لتجميد وتوزيع الأسماك، فقد دخل غرفة التجميد لتفقدها بعد انصراف الموظفين فحدث أن انغلق الباب وهو بالداخل. أخذ ينادي ويصرخ لعل أحدهم يسمع نداءه ولكن دون جدوى. بعد مرور خمس ساعات أصبح في وضع حرج وبين الحياة والموت، ثم أتى رجل الأمن وبعد أن تفقد المصنع فتح باب الثلاجة فوجد الرجل في وضع حرج وتم إنقاذه واستعاد عافيته. سألوا رجل الأمن عن سبب تفقده للثلاجة تحديداً فأجاب بأنه طيلة سنوات عمله البالغة خمسة وثلاثين عاماً في المصنع، يمر عليه الموظفون وهو على البوابة دون اكتراث به، إلا هذا الرجل فهو حين يدخل عبر البوابة يلقي عليه تحية الصباح مع ابتسامة، وكذلك يفعل حين ينصرف ويغادر في المساء. يقول حين افتقدته في ساعة الانصراف ومرت ساعات ولم يمر بي ويلقي علي تحية المساء علمت أن مكروهاً أصابه داخل المصنع، وعليه أخذت في البحث عنه حتى وجدته داخل الثلاجة. انظروا إلى تأثير هذه اللفتة الإنسانية والتحية والابتسامة من الموظف إلى رجل الأمن، وكيف تعود صنائع المعروف على صاحبها. ولنتذكر وضع حراس الأمن في مختلف المنشآت الذين يستحقون حسن التعامل والاحترام على أقل تقدير، عدا عن النظر في أجورهم التي توفر لهم حياة كريمة تقيهم بعد الله عاديات الأيام، (لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).