فهد بن جليد
ماذا لو قيل أنَّ فول «خالة فتو» سرقته شركة أمريكية؟ وأعادت تصديره لنا بمُساعدة «تجار ومورِّدين عرب» في علب تحت مسمى فول «الخلطة السعودية»، وهكذا فعلت مع فول «الخلطة المصرية» و«الخلطة الشامية».. إلخ، وكان الفول العربي «غير موَّحد» في الوطن الكبير، وهناك من يريد تمزيق «السفرة العربية»، أشعر أنَّ مثل هذه القصة تناسب «مايك قناة الجزيرة» قناة «الفتنة» ليتجوَّل في بعض العواصم العربية كاشفاً «مؤامرة الفول» المزعومة، وعندها حتماً سنسمع العجب العجاب ليس من ردة فعل الشارع العربي وتعليقاته فحسب، بل بخروج مُحللين وخبراء يتحدثون عن أسباب هذه المؤامرة؟ وأهدافها السرية في إضعاف الأمن الغذائي العربي؟ ولربما تم تحميل دول الخليج العربي مسؤولية «سرقة الفول» وأنَّها تمت بعلم ودراية الأنظمة لا الشعوب، وحتماً سيتم تخصيص حلقة من برنامج «صراع الديكة» الأسبوعي ليظهر مذيعه المُتلون وهو يتشدق «أليس فوال الجحش بالقاهرة أفضل من فولهم المُستورد؟ ماذا يريدون من سرقة الفول العربي؟ ومن يقف خلفها؟..إلخ»، الفيل «المُرافس» يأتيكم عند العاشرة وخمس دقائق بتوقيت مكة المكرمة!.
لا تحدثني عن «مسرحية الردح» تلك، التي تتم وفق ما يطلبه المُخرج والمذيع تنفيذاً لأجندة الخراب والفتنة، ولكن أخبرني عن التأثير السلبي الذي تخلفه قناة «رأس الفتنة» لدى عقلية المُشاهد العربي الذي بدا مُنهزماً أمام صراخ مُذيعي نشراتها الإخبارية، ومُستسلماً لما يقوله ضيوف مأجورين «عرب وأجانب» يتم جلبهم لاستوديوهاتها، لقبض ثمن «الكذب والزيف والتحوير وشهادات الزور»، أخبار مُنتقاة ومُضخمة، ليّ أعناق القصص والأحداث لتناسب المشهد الذي ترسمه قناة الجزيرة مُنذ عقود، ولكنَّه يفشل في كل مرحلة، فالمُقاطعة الأخيرة والأحداث المُتزامنة كشفت للمُشاهد العربي حجم الزيف والكذب والانتقائية في التغطيات والتجاهل الذي تمارسه وفق أجنداتها المشبوهة، ليبقى عاجزاً عن الخروج عن فلكها تجاه إعلام حر ونزيه لأسباب عديدة.
أيام الربيع العربي ظهر برنامج فكاهي اسمه «أرجوك ما تفتيش» يكشف حال الشارع العربي وما يفعله الإعلام فيه؟ تساءل المذيعة الناس أسئلة غير منطقية ولا يمكن تصديقها، ولكن الجمهور يجيب على طريقة «الجزيرة» في تصديق ما يقال والتعليق عليه، فعندما سألت المذيعة «ما تعليقك على تهريب الأوكسجين خارج البلد؟» طالب الجميع «بوقف التهريب، وإعادة الأوكسجين، عشان الناس تتنفس صح!»، هكذا تفعل الجزيرة مع بعض العقول العربية التي تفترض صحة ما تقوله القناة، وتبدأ مرحلة التعليق واتخاذ المواقف، المُحزن أن البرنامج يكشف للضيف أنَّه تعرض لمقلب فُكاهي وخدعة، فهل يقبل أن «نذيع وإلا ما نذيعش»؟ وكل من ظهروا على القناة وافقوا ضمنياً على أن يسخر الناس منهم ويضحكوا عليهم!
الإعلام في خطر «يا جدعان»!.
وعلى دروب الخير نلتقي.