د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن رؤساء أمريكا الكبار، وتحديدًا عن أفضل ثلاثة، بحسب آراء المؤرخين والاستطلاعات الشعبية، وقد كتبتُ عن اثنين، جورج واشنطن وإبراهام لينكولن، أما الثالث فهو فرانكلين روزفلت، الذي ولد وفي فمه ملعقة ذهب، فهو ينتمي لأسرة نيويوركية ارستقراطية عريقة، ودرس في أرقى المدارس والجامعات، وهو وحيد والديه، فقد تزوج والده بابنة صديقه، والتي كانت تصغره بسنوات كثيرة، إذ تزوجها بعدما تقدم به العمر وولدت له ابنه فرانكلين، وقد تزوج فرانكلين من قريبته، الينور روزفلت، ورزق منها بستة أطفال، وكانت علاقته بها متذبذبة، حتى يقال إنهما كانا يعيشان منفصلين، خلال السنوات الأخيرة، ومن العجائب عن الرئيس روزفلت أنه أصيب بشلل الأطفال، في الأربعين من عمره، وأصبح معاقًا لا يستطيع المشي إلا على كرسي متحرك، أو بمساعدة، ومع ذلك فقد استخدم استراتيجيات لإخفاء ذلك، ومضى في مشواره السياسي، حتى أصبح واحدًا من أفضل الرؤساء، دون أن يعلم الشعب الأمريكي عن إعاقته، وقد ساعده في ذلك أن تكنولوجيا الإعلام لم تكن متقدمة في عصره، كما أنه هو الرئيس الذي قابل الملك السعودي، المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - في منطقة البحيرات المرة في مصر، وتم حينها وضع الأسس للعلاقات الأمريكية - السعودية، والتي لا تزال راسخة حتى اليوم.
لقد سنَّ الرئيس الأول لأمريكا، جورج واشنطن سُنَّة حسنة، وهي الحكم لفترتين رئاسيتين فقط، أي ثماني سنوات، وقد أصبحت عرفًا غير ملزم، والتزم بها كل الرؤساء الذين جاؤوا بعده. هذا، ولكن فرانكلين روزفلت كسر هذه القاعدة، ورشح نفسه لفترة رئاسية ثالثة، وفاز، ثم لفترة رابعة، وفاز أيضاً، ولكنه توفي خلالها، وحتى لا يتكرر كسر القاعدة التي أسسها جورج واشنطن، فقد تم تعديل الدستور الأمريكي، بعد وفاة روزفلت، حيث أصبحت الرئاسة محصورة بفترتين رئاسيتين فقط، ورغم أن روزفلت تحجج بأن كسره للقاعدة كان بسبب الظروف التي كانت تمر بها الولايات المتحدة (الكساد الاقتصادي والحرب)، إلا أن هذه ليست حجة مقنعة، خصوصاً أنه كان مريضاً، عندما ترشح للمرة الرابعة، وهنا ندرك ضعف الإنسان أمام السلطة، حتى في أعتى الديمقراطيات، وحتى لو كان سياسياً بحجم روزفلت، ومع ذلك فقد تم تصنيفه كأحد أفضل ثلاثة رؤساء في تاريخ أمريكا السياسي. والخلاصة هي أن روزفلت رئيس استثنائي، ولذا سنواصل الحديث عنه.