خالد الربيعان
حوكمة.. هيكلة.. دعم استراتيجي.. قد تشعر بأنها كلمات ثقيلة.. وتحسب أن السياسة قد حلت ضيفًا على الرياضة.. لكن الحقيقة أن هذه الكلمات أصبحت عصب الرياضة العالمية الآن. وتكلمنا عن استراتيجية الكرة الألمانية، وميثاق الدوري الإنجليزي، وخطة تطوير الرياضة الصينية لتحويلها لاقتصاد قوي منتج.
استراتيجية دعم الأندية السعودية الأخيرة واحدة من خطط التطوير هذه. ومع دخول الموسم الجديد بعد أسابيع قليلة يصبح توقيت هذا التغيير والإعلان عنه مناسبًا جدًّا. 2.5 مليار ريال لدعم الأندية السعودية الـ170 بطول وعرض المملكة. جزء كبير من هذا الدعم مشروط.. مشروط بماذا؟.. بتحرك هذه الأندية!.. أن تكون فاعلة، وأن تشارك في هذه الخطة؛ لكي تحصل على الدعم؛ وهو ما يضمن نتائج فورية، وتغييرًا حقيقيًّا في هيكلة وكواليس هذه المؤسسات.. للأفضل بالطبع.
أهم أهداف خطة دعم الأندية أن تكون الرياضة السعودية عبر الرياضة الشعبية الأولى فيها، وهي كرة القدم، بيئة مناسبة ومهيأة للاستثمار، خاصة من القطاع الخاص وكياناته، من خلال أنشطة الرعاية والشراكة؛ وهو ما يعني دخول أطراف أخرى في منظومة الاقتصاد الرياضي السعودي.
هدف آخر مهم، هو جعل الأندية تغيّر من أهدافها، كزيادة التنافسية على البطولات المختلفة، ثم هدف تطوير الرياضات المختلفة، وتغيير زاوية التعامل معها من إدارات الأندية.. تغيير ملموس، يجبر الأندية على التنافس في أكثر من 10 رياضات مهمة من أجل نقاط دعم الرياضات المختلفة، وهو دعم حكومي قيمته 480 مليون ريال لـ170 ناديًا سعوديًّا.
أما عن الخطوط العامة لهذا الدعم فهو 50 مليون ريال لكل نادٍ من أندية دوري المحترفين الـ16، و80 مليونًا لأندية الدرجة الأولى العشرين، و36 مليونًا لأندية الدرجة الثانية الـ24, و55 مليونًا لأندية الدرجة الثالثة الـ110، مع الاهتمام بشكل مكثف بأندية الدوري السعودي الممتاز SPL، بتخصيص 10 ملايين ريال لتطوير المنشآت والبنية التحتية من استاد وملاعب التدريب والمرافق الأخرى.
و5 ملايين لتنظيم فعاليات مصاحبة لكل مباراة للنادي على أرضه لزيادة الحضور الجماهيري، و3 ملايين لزيادة جهود وأنشطة التسويق لزيادة قاعدة جماهيرية النادي. دعم آخر مشروط، هو 20 مليون ريال، يحصل عليها النادي حال تحقيقه السير وفق معايير محددة لـ«الحوكمة»، وتعني الاهتمام بهيكلة إدارات الأندية والمراقبة الداخلية، والإدارة المالية الصحيحة لها.
في الوقت نفسه، وعلى جانب آخر، تم استحداث منصب المدير التنفيذي للمنتخب السعودي. وقد تكلمنا عن أهمية هذا المنصب، ودوره في التجارب الأوروبية، وكيف أنه رجل لكل المهمات، وأن الخبرة أهم أسلحته، ومكانه في هيكل المنتخب السعودي ينبئ بأهميته؛ فبعد المشرف العام على المنتخبات السعودية يأتي مديره التنفيذي قبل مدير المنتخب وبقية الجهاز الإداري.
أخيرًا.. قلبي مع كوادر الإدارة في الأندية السعودية؛ فدائرة الضوء عليهم هذا الموسم ستصبح أكثر اتساعًا.. وأشد تركيزًا!
خروج!
مبادرة الدعم هذه جاءت لضرورة، ليست فقط لتحقيق أهداف معينة ذكرناها، وأهداف أخرى مثل تهيئة الأندية للتخصيص، بل أيضًا للخروج من عنق زجاجة، كانت فيه الأندية، مثل وجود ثغرة بين أهدافها والنتائج التي تحققها، وضعف في مستوى الرقابة والالتزام والتنظيم في سير أعمالها، وعجز مالي كبير في خزائنها، ومستقبل مالي وإداري غير مبشِّر لها، وإهمال للرياضات الأخرى بالأندية، والاهتمام بكرة القدم فقط.. وهو وضع حالي، نعتبره مؤقتًا، ونتمنى بتفاؤل أن ينتهي في المستقبل القريب.