فهد بن جليد
قليل من الدول هي التي تُنصف مواطنيها وتمنحهم حقوقهم التي تكرَّمت بها عليهم في وقت سابق، حتى ولو كان المُستحق لهذا المبلغ مُتوفىً، والمواقف والنماذج في بلادنا كثيرة ومُتعدِّدة ولله الحمد وهي غير مُستغربة، لذا علينا أن نقرأ «قرار» إعادة صرف الـ50 ألف ريال «المُكافأة المالية» من أكثر من زاوية، بما فيه من دلالات كبيرة وعظيمة بأنَّ الدولة هي الحضن الدافئ لأبنائها، ولا سيما أنَّ هذه المُكافأة المالية كانت تُصرف لخريجي وخريجات الجامعات الذين تم تعيينهم في الدولة -بأثر رجعي- في حال لم تُصرف لهم آنذاك، ما يدلُ على أنَّ بلادنا منهجها الخير والعطاء في إكرام مواطنيها وتلمس سبل الحياة الكريمة لهم في كل وقت، وهو منهج واضح وواحد من عهد المؤسس -طيَّب الله ثراه- وحتى عهدنا الزاهر، مهما تغيَّرت «الحكومات» والجهات التنفيذية، حتى وإن كان المقصود من تلك المُكافأة المالية في حينها تشجيع وحث الشباب في بدايات تكوين البلاد على الانخراط في الدولة بعد حصولهم على الشهادة الجامعية، فها هي المملكة تحفظ حق منح هذه الميزة لمن لم يستلمها من أبنائها قبل تاريخ إيقافها الرسمي، حتى وإن كُنَّا اليوم نعيش وفرة كبيرة في أعداد حملة أعلى الدرجات العلمية من الشباب السعودي، الباحث والمُتطلع لخدمة وطنه في كافة الميادين.
الدول المُستقرة والثابتة التي لا تتأثر تبعاً لسياسات حزبية وغيرها، هي التي تحفظ فيها مثل هذه الحقوق وتُصان لتُعاد لأصحابها حتى وإن كانت «مكرمات أو مُكافآت»، أنا شخصياً غير مُستفيد من هذه الخطوة مالياً لا أنا ولا أي من أفراد أسرتي، ولكنَّنا جميعاً كبقية أفراد المجتمع السعودي الكريم استبشرنا خيراً بمثل هذه الخطوة الإنسانية الرحيمة والموفقة، ونحن نقرأ أخبار حصر وزارة التعليم لمنتسبيها الذين لم يستلموا تلك المُكافأة قبل تاريخ إيقافها رسمياً، تمهيداً لإعادة صرفها لهم من الجهة المالية المُختصة.
ونحن نُبارك لكل للمُستفيدين من هذه الخطوة، لا يجب أن ننسَ أن نُبارك لأنفسنا بهذه الدولة والكيان العظيم، التي لا يضيع فيها حق، ففي قصة أكثر من «ثلاثة عقود» ظل فيها هذا الحق محفوظاً لأصحابه، شعور بالفخر والاعتزاز أنَّنا في دولة يتساوى فيها الجميع ولا تضيع فيها الحقوق حتى وإن كانت في الأصل «دعماً ومُكافآت تشجيعية» ومزايا من الدولة نفسها، حفظ الله بلادنا وقادتنا، وأدام علينا نعمة السعودية وخيراتها.
على دروب الخير نلتقي.