محمد سليمان العنقري
القرصنة التي تمارسها إيران في أكثر الممرات المائية حساسية وأهمية في العالم «مضيق هرمز» أمر خطير؛ إذ يعبر منه نحو 20 % من إنتاج النفط عالميًّا، وما يعادل نحو 30 إلى 40 في المئة من النفط المنقول بحرًا الذي ينقل عبر قرابة 30 ناقلة نفط يوميًّا. ورغم أن هذه الممرات تخضع لقوانين دولية، تهدف إلى حرية الملاحة، إلا أن إيران تحاول إشعال حرب بالمنطقة من خلال ممارساتها ضد ناقلات نفط منذ شهور عدة، وآخرها احتجاز ناقلة بريطانية؛ وهو ما زاد الوضع تعقيدًا، وباتت المواجهة مع إيران من قِبل القوى العالمية هي الاحتمال الأقرب.
لكن هذه الحرب المحتملة التي تسعى لها إيران في محاولة لخلط الأوراق، وتحويل مسار مفاوضاتها مع أمريكا إلى وقف إطلاق نار بدلاً من الملف النووي، وكذلك الصواريخ الباليستية، بهدف كسر حدة العقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليها منذ قرابة العام، التي من الواضح أنها بالغة التأثير، وستؤدي لانهيار اقتصادها الذي لن يكون بعيدًا، لكن السؤال الذي يطرح على نطاق واسع هو: ما نتائج وآثار هذه الحرب لو وقعت على إيران والمنطقة والعالم عمومًا؟
كثير من الخبراء والمحللين العسكريين الدوليين يعتقدون أن أي حرب ستقع ستكون مدمرة وطاحنة لإيران؛ وهو ما يعني أن إيران ستحتاج إلى تريليونات الدولارات لبناء ما ستدمره هذه الحرب، كما أن الآثار ستطول العديد من دول المنطقة من حيث تكاليف حماية أمنها، ومنع وقوع أي هجمات من إيران وأذرعها على أراضيها ومرافقها وبنيتها التحتية، كما أن أسعار النفط والغاز سترتفع باتجاه حاد، وفي حال طال أمد الحرب سيكون لهذا الارتفاع ضغط إضافي على نمو الاقتصاد العالمي الذي يعاني من بطء في النمو، وتحذيرات من مخاوف تحوله لركود، سيكون له تأثير سلبي مستقبلي على أسعار السلع، وأولها النفط، ويعيد المخاوف من تراجع الأسعار بعد أن تنتهي الحرب، ويستفيق العالم على ركود اقتصادي، يخفض الطلب على النفط والسلع عمومًا.
من المؤكد أن لا أحد يسعى للحرب باستثناء إيران. وجميع الدول التي تستفزها إيران تعي مخاطر الحرب، وتحاول التعامل بحكمة وضبط النفس لأقصى قدر ممكن، لكن الدولة الوحيدة التي تسعى لهذه الحرب هي إيران في نظرة من الواضح أنها ضيقة، تخدم من يمتلكون السلطة والقرار بالنظام الإيراني دون تقدير للعواقب والاحتمالات المدمرة التي ستنتج منها. فهل ستحدث المعجزة من داخل إيران، ويتم نزع فتيل الحرب؟