تُعتبر موجة الانتقالات التي أشعلتها مزايدات الأندية هذه الأيام مؤشرًا على شُح النجوم وندرتهم في الملاعب السعودية. وهذا أمرٌ محزن. وأجزم أن القادم أكثر عتمة وسوادًا مع استمرار الإهمال للفرق السنية، وسوء التخطيط الذي اجتاح الأندية في السنوات الماضية.
انتهاء حقبة جيل العملاقة مثل (نور ومالك وياسر القحطاني)، والكثير من الموهوبين، مع غياب خطط الإحلال، جعل الكرة السعودية تفقد بوصلة التفوق لتحقيق المزيد من الإنجازات التي ضاعت في زحمة التخبط والارتجالية. طبعًا من الصعب أن نضع (كمارا وعبدالفتاح والصيعري) وغيرهم من اللاعبين في مقارنة مع ذلك الجيل، ولن نحرجهم بذلك مع كل الاحترام والتقدير، ولكن لأن (الجود من الموجود) تحولوا بقدرة قادر إلى نجوم، تلهث خلفهم الأندية بمبالغ خيالية، لا يصدقها العقل، ولا التقييم الفني الذي يقول إنهم أنصاف لاعبين مهما حاول البعض تجميل الصورة ببرواز الميول.
خمسة وعشرون مليون ريال، أقل أو أكثر، كفيلة ببناء جيل من اللاعبين لو كان هناك من يفكر في المستقبل، وفي مصلحة الوطن قبل مصلحته، ولكن لأن المهمة مؤقتة في أنديتنا فكلٌّ يغني على ليلاه وأمجاده الشخصية.
بشكل عام لا يوجد مَن يستحق أكثر من (مليونَيْن) في ملاعبنا، وقد أستثني أربعة أو خمسة لاعبين من فئة السوبر ستارز، وعدا ذلك فإن أكثر الموجودين في ملاعبنا ليسوا إلا أشخاصًا يعرفون كيف يركضون ويركلون الكرة في المساحات الخضراء، ولا نتوقع منهم أكثر من ذلك لافتقارهم إلى الكثير من أساسيات علم الاحتراف وفن المستديرة، ولا يصح إلا الصحيح رغم مرارة الواقع. أرقام فلكية تتطاير مع الغبار، لا تأثير لها على المنتخبات، ولا لها دور في الإنجازات!!!
بصراحة، عندما يسمع أحد خارج حدود الوطن حجم مصروفات الأندية يتصور أننا كل يوم على موعد مع إنجاز أو مجد كروي جديد، وقد لا يعلم أن أنديتنا قبل منتخباتنا تعاني الأمرين في التأهل أو حتى المنافسة في أي مناسبة رياضية؛ والسبب غياب الاستراتيجية والتخطيط بشتى أنواعهsimply we have no goals.
تخيلوا لو أننا صمدنا وصبرنا على خططنا التي أُقرت بعد ثمانية ألمانيا(2002) ماذا عسى أن يكون عليه حالنا؟ حتمًا أفضل بكثير مما نحن فيه، ولكن ضيعنا (المشيتيين)، ولا طلنا عنب اليمن ولا بلح الشام.
مشكلتنا الحقيقية مع الصبر والزمن، وغياب الرجل المناسب.. طبعا الأندية لا همَّ لها إلا إسعاد الجماهير بفرحة وقتية؛ لذا فهي في سباق مع الزمن لتحقيق ما يمكن تحقيقه.. ويتكرر المشهد من رئيس لآخر! أنصاف لاعبين، عقودهم بالملايين، لا ينفعون المنتخبات، ولا يشفعون في البطولات!!!
على أية حال، (مبروك) لأنديتنا (الحشف وسوء الكيلة)، وطول الانتظار في مؤخرة القطار.
وقفات
* خرج جدول الدوري، وخرج معه مناحة الموسم للضغط للتغيير من باب (لعل وعسى) التي أصابت في أكثر من مناسبة الفرق بين الماضي والحاضر.
إن تكتيك شلة الاستراحة أصبح مكشوفًا، ولا ينطلي على أحد بعد أن أصبح الجميع سواسية كأسنان المشط. أتمنى أن يعي أنصار الاستثنائي أن مصباح علاء الدين طار من (صندوق الونيت) من غير رجعة؛ لتعود الأمور إلى وضعها الطبيعي؛ ليظل الكبير كبيرًا بإنجازاته، والاستثنائي استثنائيًّا (بالدفدفة)!!
* وأخيرًا انتهت الحكاية، وانتهى الجدل بخصوص تجديد عقد عموري الذي لم يتم، ومع ذلك ستظل علاقة جماهير الهلال بهذا النجم علاقة حب واحترام بغض النظر عن أي شيء مرّ بمرحلة التجديد. المطلوب من الجماهير الهلالية طوي صفحة عموري، والتركيز على القادم لتعويض ما فات، خاصة أن الفريق في مرحلة إعداد؛ ويحتاج إلى جهد ودعم الجميع بعيدًا عن جدل عدم التجديد لعموري الذي وجد مصلحته في عدم الاستمرار في الهلال، وهذا ما يسمى بالاحتراف الذي لا يؤمن بالعواطف. نهاية القصة، ونقطة آخر السطر.
** **
- فهد المطيويع