د.ثريا العريض
أعجبتني الكلمة الضافية لسمو الأميرة ريما بنت بندر يعد تعيينها رسمياً وتقديم أوراق اعتمادها في منصبها الجديد -وفقها الله- كأول سفيرة للمملكة العربية السعودية في الخارج. وضحت ببلاغة مطلوبة موقفها شخصياً كسيدة مثقفة تدرك قدراتها, ورؤية المملكة لتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعياً وسياسياً.
الأمر كما أراه لا يتعلق بالإعجاب بموقع أو قدرات سيدة ما كفرد, أو لتحسين السمعة مظهرياً, بل هو قرار استراتيجي في الوجهة الصحيحة, ضروري في مسيرة المملكة وإصرارها على استدامة التقدم والفعالية. وتظل أوضاع المرأة محل جدل وتنافر لأنها تمس مصالح بعض الأفراد والفئات.وعلينا رسمياً وشعبياً أن نخرجها من مستوى الجدل الشائك والمشين والجارح إلى مستوى القانون والعرف الجديد. للمرأة حقوقها وعلى الجميع احترام ما منحها الشرع والقانون ولا تناقض بين هذا وذاك. واضح أيضاً أننا حين ندخل في جدل تصحيح أوضاع المرأة, خاصة في مفهوم ولاية الأمر والقوامة, يحدث لبس في المنطلقات والتعريفات. فحين يطالب البعض أن نضعها في إطار العلاقات المجتمعية القابلة للتطويع حسب ما تتطلبه ظروف الأوضاع الخاصة بالمرأة المعنية في الأسرة المعنية في الزمن الراهن, يراها البعض الآخر في إطار ثابت يوصلونه إلى التحجر القاتل لاستمرارية الشعور بالأمن الفردي والرضا والاستقرار, حيث مع الأسف يعيدها البعض بفهم قصدي أو مسطح إلى الأصول والتعليمات الشرعية, ويمنحها صفة الثوابت التي تمنع عنها المرونة في التعامل مع التفاصيل. ولا يرون أنهم بهذه الرؤية يسلبون تعليمات ديننا السمح أهم صفاته وهي المرونة المطلوبة للصلاحية لكل زمان ومكان, وقدرة التعامل مع الضروريات وموازنة المحظورات في ضوء الأوضاع الخاصة, وليس الفرضيات العامة المنتقاة التي تتخير تفسيرات فردية مرتبطة بالمصالح الفردية أو الفئوية زمنياً ومكانياً.
أكرر ما وضحته سابقاً: «هذا التضارب بين رؤيتين أحدهما منفتحة والأخرى منغلقة لأسباب متعددة, أمسى واضحاً بعد التغير الملموس الذي جاءت به التطورات المجتمعية: من حيث نشر التعليم للجنسين, وتغير أسلوب الحياة من البساطة إلى التعقيد الحضاري, وتضاعف احتياجات ما يضمن المستوى المعيشي اللائق أو المرغوب فيه. لم تعد مشاركة النساء في العمل الوظيفي والاستثماري ترفاً بل ضرورة مصيرية للكثير من الأسر التي لا يكفيها لتحقيق هذا المستوى عائل واحد. بل في بعض الحالات المرأة هي العائل الرئيسي أو الأوحد. ولكي تستطيع المرأة أن تقوم بدورها بفعالية وكفاءة يجب أن تتغير معادلة ممارسات المجتمع وتفسيرها لموقع المرأة, بما يفسح لها مجال التصرف واتخاذ القرار المتعلق بها مباشرة دون المرور بتعقيدات أهواء الوسيط أو تحيزات تفضيلاته الفردية الخاصة به وقبوله التصريح لها بما تستطيع أو لا تستطيع فعله.
وهذه النظرة الاختزالية ليست في الحقيقة خصوصية كما يدعي البعض قصراً علينا كموقع جغرافي أو انتماء ديني بل سادت في كل القارات الخمس عبر ثقافات التاريخ؛ جعلت مواصفات النساء جسدياً تلغي أهمية عقلها ومهاراتها وتميزاتها الأخرى. الخاص بنا أننا منحنا فرصة للسمو بأفكارنا وتصرفاتنا عن الغريزة المجردة وتعديل النظرة الجاهلية الحسية البحتة للمرأة التي تحرمها من حس الرضا والأمن والاستقرار.