فضل بن سعد البوعينين
أشرت في المقالتين الماضيتين إلى التحديات التي يمكن أن تواجه استضافة المملكة لقمة مجموعة العشرين؛ وأختم اليوم ببعض الفرص التي يمكن اقتناصها وتعظيمها؛ وأركز على جانبين؛ الأول ملف المرأة الذي سيكون من ضمن ملفات القمة الرئيسة؛ والثاني نقل صورة المملكة الحقيقية للعالم الخارجي.
لا يخلو ملف المرأة من الأخطاء التي ساهمت في تشكيل صورة نمطية مشوهة عن المجتمع السعودي، تسبب بها الإعلام الغربي وبعض القصص الفردية، ومدعي الحقوق في الداخل والخارج؛ ساعد في ذلك بدائية التعامل معه؛ والانشغال بالقضايا الجدلية الفردية على حساب محركات التمكين والبناء؛ وهو أمر أرجو ألا يجد طريقة للملف المزمع طرحه في قمة الرياض. عملت الحكومة على محاور مختلفة لتعزيز دور المرأة في مجلس الشورى، وسوق العمل والوظائف القيادية؛ في القطاعين الحكومي والخاص؛ وتمكينها من التعليم والفرص ومعالجة مشكلات التمييز ضدها.
الحديث عن الإنجازات يجب أن يكون من خلال الممكنات الحقيقية، لا الهامشية المرتبطة بتحرر المرأة التي جعلها الغرب رأس حربة لإصلاحاته المشوهة.. وأعني بالممكنات: التعليم والعمل والمناصب القيادية والاستقلالية المالية من خلال حرية الوصول إلى الحسابات البنكية والتشريعات العادلة التي أعادت للمرأة حقوقها التي كفلها الإسلام.
لذا يجب أن تكون لدينا إستراتيجية لتقديم ملف المرأة السعودية وفق الممكنات والإنجازات المحققة على أرض الواقع. ففي قطاع التعليم العام بلغت نسبة الطالبات 51 في المائة مقارنة بالطلاب، وفي قطاع الأعمال عززت فرص عمل المرأة وفتحت قطاعات مختلفة لها، ومكنت من المناصب القيادية في مجالس إدارات الشركات، وسوق المال، والمناصب القيادية في الدولة، وفتحت لها أبواب الاستثمار والتجارة دون تمييز؛ ومُكنت من الاستقلالية المالية فأصبحت ركناً مهماً في إستراتيجية الشمول المالي، حيث زاد عدد حسابات النساء في المصارف عن 8 ملايين حساب، مقارنة بعدد السكان من النساء البالغ 14 مليوناً وهي نسبة كبيرة إذا ما استثنينا الأطفال من الإحصاء السكاني. كما استأثرت بـ 20 في المائة من مقاعد مجلس الشورى، هذا بخلاف الممكنات التشريعية التي أصدرتها الحكومة وتوقيع المملكة على جُل الاتفاقيات الدولية غير المتعارضة مع التعاليم الإسلامية.
ويرتبط الملف الثاني باقتناص فرصة قمة العشرين لتصحيح الصورة النمطية المشوهة عن المملكة، ونقل واقع المجتمع السعودي والتحوّل التنموي وما تحقق من إنجازات. يشكل تواجد زعماء العالم والوفود الإعلامية والتغطيات المكثفة فرصة لا تعوض لتحقيق ذلك الهدف، وهو أمر يحتاج إلى إستراتيجية منضبطة تحدد فيها الأهداف وآليات العمل، وتدار بشكل احترافي وفق آليات العمل الإعلامي والتوجيه الدعائي المؤثر.
أحسب أن قدرة الشركات المتخصصة على تنفيذ تلك الأهداف أكثر ضماناً للمخرجات الإيجابية التي نرجوها جميعا. لدينا الكثير من الإنجازات التي يمكن تقديمها، والكثير من الرسائل التي نرجو إرسالها لتصحيح الصورة المشوهة عن المجتمع السعودي، غير أنني على ثقة تامة أن النتائج الجيدة لا يمكن تحقيقها إلا بعمل منظم، وكفاءات محترفة، وهو ما يستوجب العمل على تحقيقه لضمان كفاءة المخرجات.